بساحل مكة ، قبل جدّة فانكسرت فسمعت [بها] قريش فركبوا إليها وأخذوا خشبها وروميّا [كان فيها] يقال له باقوم ، نجارا بناء ، فلما قدموا به مكة قالوا : لو بنينا بيت ربنا فاجتمعوا لذلك ونقلوا الحجارة [من] الضواحى فبينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ينقلها معهم إذ انكشفت نمرته ، فنودى يا محمد ، عورتك ، فذلك (١) أول ما (٢) نودى ، والله تعالى أعلم ، فما رئيت له عورة بعدها ، فلما جمعوا الحجارة وهموا بنقضها خرجت لهم حية سوداء الظهر ، بيضاء البطن لها رأس مثل رأس الجدى تمنعهم كلما أرادوا هدمها ، فلما رأوا ذلك اعتزلوا عند المقام ، وهو يومئذ فى مكانه اليوم ، ثم قالوا : ربنا أردنا عمارة بيتك ، فرأوا طائرا أسود ظهره أبيض بطنه ، أصفر الرجلين ، أخذها فجرها حتى أدخلها أجياد ، ثم هدموها وبنوها عشرين ذراعا طولها ، قال أبو الطفيل : فاستقصرت قريش لقصر الخشب فتركوا منها فى الحجر ستة أذرع وشبرا (٣).
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : لما احترقت الكعبة فى الجاهلية هدمتها قريش لتبنيها فكشفت عن ركن من أركانها الأساس فإذا حجر فيه مكتوب : أنا يعفر لى عبد قرا (٤) ، أقرأ على ربى السلام من رأس ثلاثة آلاف سنة (٥).
ذكر الجب الذى كان فى الكعبة ومال الكعبة
عن مجاهد قال : كان فى الكعبة على يمين من دخلها جب عميق حفره إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل صلوات الله عليهما حين رفعا (٦) القواعد وكان يكون فيه ما يهدى للكعبة [من] حلىّ أو ذهب أو فضة أو طيب أو غير ذلك ، وكانت الكعبة ليس لها سقف فسرق منها على عهد جرهم مال مرة بعد مرة ، وكانت
__________________
(١) تحرف فى المطبوع إلى : «فلذلك».
(٢) تحرف فى المطبوع إلى : «أول من»
(٣) أخبار مكة للأزرقى ١ / ١٥٧ وما بين حاصرتين منه.
(٤) تحرف فى المطبوع إلى : «يغفر بن عبد قرأ» وصوابه لدى الأزرقى الذى ينقل عنه المصنف.
(٥) الأزرقى ١ / ١٧٣.
(٦) تحرف فى المطبوع إلى : «دفعا».