صخرية عالية جدا ، بحيث لا تدع حاجة للأسوار. وهي تشبه مدينة أورته في إيطاليا (٢٨). وتقع على مسافة إثني عشر ميلا (٢٩) من تيّوت باتجاه الجنوب. ويمر من تحت المدينة نهر (٣٠) ، وهنا تقع مزارع تضم كل أنواع الشجر ، ولا سيما الجوز. والأهالي هنا أغنياء ، ولديهم عدد طيب من الخيول. كما أنهم لا يدفعون أية ضريبة للعرب ، بل إنهم في حرب دائمة معهم ويقتلون كثيرا منهم. وينقل أهل القرى المجاورة كل حبوبهم إلى داخل هذه المدينة خوفا من أن يسطو عليها العرب. ولسكان تيسيغدلت عادات ممتازة فيما يتعلق بالكرم والمؤانسة. وهكذا يكلف حرّاس أبواب المدينة بسؤال كل غريب يصل إليها فيما إذا كان له صديق في المدينة. فإذا أجابهم بالنفي ، كان على هؤلاء الحراس أن يستضيفوه ، بحيث يلقى كل غريب ، وبدون أن يدفع شيئا ، استقبالا حفيّا كريما. وتكاد قلوب رجالهم تتوقد غيرة على نسائهم ، ولكنهم يحافظون كل المحافظة على قواعد دينهم ، ولهم في قلب المدينة جامع بديع جدا ، يشرف عليه بضعة فقهاء. ولديهم قاض راسخ القدم في الشريعة ، ويفصل في كل القضايا باستثناء ما يتعلق بالأضرار الناجمة عن السحر.
وتقع كل الحقول المبذورة بالحبوب في الجبل. وقد أمضيت في هذه المدينة عشرة أيام مع الأمير الشريف في عام ٩١٩ ه (٣١).
مدينة تغتسّة
تغتسّة مدينة قديمة أقيمت فوق جبل عال جدا مستدير الشكل. ويخرج الانسان من هذه المدينة بالدوران حولها كسلّم لولبي. وتقع على مسافة أربعة عشر ميلا (٣٢) من تيسيغدلت. ويمر من أسفل المدينة نهر يشرب منه أهلها. ويقع هذا النهر على مسافة ستة
__________________
(٢٨) لقد اختفت المدينة المذكورة ويحمل الجبل على الخرائط اسما مشوّها هو لالاتا سنديت. ولكن موقعها لا يماثل ، في الواقع ، مطلقا موقع «أورته» التي تقع في منطقة من التلال ، في حين أن تيسيغدلت ترتفع إلى حوالي ١٣٠٠ م فوق سطح البحر.
(٢٩) ٢٠ كم.
(٣٠) هو وادي ايغر ونزار.
(٣١) سنة ١٥١٣ م.
(٣٢) ٥ ، ٢٢ كم.