ظهراني السكان الكثير من الوجهاء الذين تدين العامة لهم بالطاعة. وتعتبر أراضيهم ممتازة لزراعة الشعير والدخن. وتوجد فيها ينابيع عديدة تتولد عنها أنهار تهبط الى الأودية وتصب في نهر شفشاوة. (٥٩) والناس هنا جيدو الهندام ، ويستخرجون من أرضهم كمية كبيرة من الحديد الذي يباع في أماكن مختلفة مما يوفر لهم المال النقدي. ويتجول عدد كبير من اليهود على الخيل في هذا الجبل ، وهم يحملون السلاح ويحاربون لحساب رؤسائهم من سكان جبلهم. ويعتبر هؤلاء اليهود في نظر سائر يهود افريقيا الآخرين خارجين عن العقيدة الصحيحة ويسمّون كارائيم (٦٠).
وتظهر في هذه الجبال أشجار بطم وبقص ضخمة وكذلك أشجار جوز عملاقة. ويخلط سكان البلاد الجوز مع لوز الهرجان ويستخرجون منهما زيتا يميل للمرارة يتغذون به ويستضيئون.
وقد مررت بهذا الجبل عند عودتي من السوس فاستقبلت استقبالا طيبا جدا وكنت موضع رعاية بفضل كتب التوصية التي كنت أحملها من الأمير الشريف وذلك في عام ٩٢٠ ه (٦١).
جبل الحديد
لا يؤلف هذا الجبل شطرا من الأطلس. ويبدأ من المحيط شمالا ويمتد جنوبا حتى نهر تانسفت (٦٢). وهو يفصل منطقة حاحة عن إقليم مراكش (٦٣) وعن إقليم دكالة. وتسكن هذا الجبل عشيرة تدعى رقراقة (٦٤).
__________________
(٥٩) ويسمى حاليا شيشاوه.
(٦٠) لقد تلاشت الكرائية (القراءون) من البلاد ، ولكن «يهود البارود» الذين يحملون السلاح ، لا يزالون دوما موجودين ، ويتميزون بوضوح عن أبناء ديانتهم الآخرين بمسلكهم.
(٦١) في حزيران أو تموز (يونية أو يولية) سنة ١٥١٤ م.
(٦٢) هذا غير صحيح. فلهذا الجبل اتجاه من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي ابتداء من ضفة نهر تانسفت اليسرى.
(٦٣) خطأ كلي.
(٦٤) هناك رسالة مؤرخة ٢ تموز (يولية) ١٥٠٩ م موجهة من سكان آسفي الى ملك البرتغال عمانوئيل الأول توضح بالفعل «أن عشيرة عرب العبدة تؤلف مع عشائر الرقراقة ورتنانة (عند مصب نهر تانسفت حيث كانت تقوم مدينة آقوز) وعشيرة دكالة ، وجميعا بربرية ، تؤلف «لفّا» واحدا (أي حزبا)». وكان عرب حريت القاطنين على ضفة تانسفت اليمنى والمرامر في جنوبي السهل المأهول بهؤلاء العرب يتبعون ايضا مدينة آسفى.