تنزّه (١١٤)
تنزّه بلدة حصينة تقع في الجزء الغربي من جبال الأطلس الذي يسمى غدميوا. وقد بناها قدماء الأفارقة على مسافة ثمانية أميال تقريبا شرقي سيفينوال (١١٥). وتمتد سهول فسيحة عند حضيض هذه المدينة ، وهي سهول صالحة لزراعة الحبوب. ولكن السكان الذين نكّد العرب عليهم معيشتهم لا يستطيعون زراعة الأرض. فلا يزرعون سوى سفح الجبل الواقع بين النهر والمدينة. ويضطرون مع ذلك إلى دفع ثلث دخلهم السنوي جزية لهؤلاء العرب.
سوق الجمعة الجديد (١١٦)
هذه المدينة عبارة عن حصن يقوم فوق جبل عال جدا محاط بعدة جبال أخرى. وينبع من تحت هذا الحصن نهر آسيف اينوال ، وهو اسم معناه نهر الضوضاء باللسان الإفريقي (١١٧). وينحدر هذا النهر من الجبل مع ضجيج كبير ويحفر خندقا عميقا ، على غرار نهر الجحيم في تيفولي ، وهي مدينة تابعة لامارة روما (١١٨). وقد بنيت هذه المدينة في أيامنا على يد بعض الأمراء. وتضم قرابة ألف عائلة. وقد ظلت لمدة طويلة بيد طاغية من أسرة ملوك مراكش (١١٩). ولهذا الحصن ثكنة جيدة للمشاة وللخيالة. ويجبى من قرى ومداشر هذا الجزء من الأطلس دخل يقل قليلا عن عشرة آلاف دينار. ويرتبط السكان بصداقة حميمة مع العرب ويقدمون لهم أحيانا أعطيات قيمة بديعة. وهذا ما أغاظ ملوك
__________________
(١١٤)؟
(١١٥) أي حوالي ١٢ كم شرقي وادي ايمنينتانوت ، وهي نقطة تشير إليها الخارطة باسم جبل تيلسّة ، وربما كان هذا تحريفا مقبولا عن كلمة تنزّه.
(١١٦) وتقع هذه البلدة فعلا على مسافة ١٥ كم جنوبي بلدة الجمعة القديمة في الوادي الأعلى (ما سينيون ١٩٠٦ ، ص ١٩٦).
(١١٧) «ويقصد طبعا اللغة البربرية» (المترجم).
(١١٨) إن لعبارة آسيف اينوال معنى «نهر النوالات» أي الأكواخ ، وسيقول المؤلف فيما بعد أن هذا النهر ينبع من جبل السكساوة ، أي أبعد من ذلك باتجاه الغرب. والمقصود به بالتأكيد آسيف المل ، الذي عرّب سكان الساحل اسمه فسموه وادي الملّاح أي نهر الملاح. وتشير الخارطة في هذه البقعة لمدينة مذكورة عليها بإسم مجديد. ومن الممكن تشخيص الموقع لو عثر هناك على شلال يشبه شلال نهر آنييني عند بلدة تيفولي الإيطالية ، وهو الشلال الرائع الذي يبلغ ارتفاعه ١٠٨ م.
(١١٩) ربما كان المقصود هو ادريس الهنتائي ، الذي سماه البرتغاليون ملك الجبل ، وكان من أسرة الموحدين وابن عم ملك مراكش أبي علي الناصر بن يوسف.