مراكش بضع مرات. والناس هنا ذوو تربية جيدة ، وهندامهم لائق ، والمدينة مأهولة بكثرة ، وفيها كثير من الصناع ، ويعود هذا لقربها من مراكش الواقعة على مسافة خمسين ميلا منها (١٢٠). وتوجد بين هذه الجبال مزارع أشجار بديعة حيث تنتج كمية كبيرة من الثمار. ويزرع أيضا الشعير والكتان والقنب. ولدى السكان عدد كبير من الماعز. كما أن لديهم ما يكفي من الفقهاء والقضاة. ومع ذلك فهؤلاء الرجال غلاظ النفوس ، شديد والغيرة على نسائهم. وعندما قصدت هذه المدينة نزلت عند أحد أقاربي الذي كان ينوء تحت وطأة ديون ثقيلة حينما كان في فاس ، بسبب ممارسته الكيميا (١٢١) ، وهاجر إلى هذه البلدة حيث أصبح بعد زمن يسير أمين سر لأمير المدينة.
آميز ميز
آميز ميز مدينة كبيرة نوعا ما تقع على جرف صخري في أحد جبال الأطلس على مسافة أربعة عشر ميلا إلى الشرق من المدينة السابقة (١٢٢) ، وقد بناها القدامى. ويوجد في أسفلها ممر يمكن بواسطته اختراق جبال الاطلس للذهاب إلى منطقة جزوله ويدعى ممر «بوريش» (١٢٣) ، لأن البرد يتساقط فيه باستمرار ، والبرد يشبه في تساقطه الريش الأبيض
__________________
(١٢٠) ٨٠ كم.
(١٢١) أو «علم جابر» وهو بحث اشتغل العرب وغيرهم به أمدا طويلا. وكان الغرض منه تحويل المعادن بعضها إلى بعض وخاصة تحويل بعضها إلى الذهب والفضة. وسمي «علم جابر» نسبة إلى جابر بن حيان الذي كتب فيه بحوثا كثيرة. ويرتبط هذا العلم بعقائد الاسكندريين فيشتمل على عنصر الصوفية الشرقية. ويرى المشتغلون بهذا البحث أن الذهب كان أنبل المعادن ، وهدف أعمالهم هو العثور على وسيلة لإكثار الذهب بالاستعانة بالحجر الفلسفي. وقد انتقلت هذه البحوث إلى الغرب مع الصليبيين. وأما الكيمياء الحديثة فقد نبغ فيها عدد كبير من علماء المسلمين ، ويرجع إليهم الفضل في كثير من اكتشافاتها ، مثل اتقان التقطير والأنبيق وتحضير الماء الثقيل ، وهو مزيج من الدوتير يوم والأوكسجين وأكثر كثافة من الماء العادي ، والماء اللذيذ ، وهو خليط من ماء آزوتي وحامض الكلور وهيدريت الذي يذيب الذهب والبلاتين ، والأنبيق والماء القوي. وهو الآسيد النيتريكي ، وزيت الزاج ، والغول ، وحجر جهنم والسليماني. ونذكر من بين أهم علماء الكيمياء المسلمين جابر وابن سينا.
وفي العصر الوسيط كانت هناك شخصيات كبرى في عداد الكيميائيين مثل البرت الكبير وتوماس الاكويني. وكان ريمون لول ، وروجر باكون ، وآرند دوفيلونوف من الكيميائيين الحقيقيين. وفي القرن الرابع عشر والخامس عشر كان كثير من الكيميائيين عبارة عن دجالين ، ولكن كان منهم بحاثون ، دفعت أخطاؤهم ذاتها إلى تقدم علم الكيمياء الصحيح مثل باسيل فالنتان والاسحاقين وبرنار تريفزان. وظهر منهم في القرن السادس عشر مارسيل فيسان وبيك دولا ميراندول بالأضافة إلى كورينليوس أغريبا وباراسلز وفان هلمونت. (المترجم).
(١٢٢) ٢٢ كم. وهي إلى الغرب من المدينة وليس إلى الشرق كما يقول.
(١٢٣) أي أبو الريش حسب لهجة المغاربة.