وهو يتطاير. ويمتد تحت المدينة أيضا سهول واسعة تصل حتى مراكش على مسافة ثلاثين ميلا (١٢٤) ؛ ويجود فيها قمح طيب كبير الحبات ، وهو أفضل ما رأيت ، ودقيقه في غاية الجودة. ولكن العرب يرهقون هذه المدينة بالإتاوات ، ويصنع ملك مراكش نفس الشيء ، حتى أن القسم الأعظم من الحقول أصبح مهجورا. وأخذ سكان المدينة أيضا يهجرونها وهم معدمون جدا لقلة المال ، ولكن لديهم الكثير من الأملاك ومن الغلال. ولم أنزل في هذه المدينة ولكن إلى القرب منها ، في خيمة سيدي كانون ، وهو ناسك يتمتع هنا بسمعة كبيرة(١٢٥).
تومغلاست
تتألف تومغلاست (١٢٦) من ثلاثة قصور صغار في السهل على مسافة أربعة عشر ميلا (١٢٧) من الأطلس وعلى مسافة عشرين ميلا تقريبا (١٢٨) من مراكش. وجميع القصور الثلاثة محاطة بالنخيل والكروم والأشجار المثمرة. والريف المحيط بها (١٢٩) جميل وصالح لزراعة الحب ، ولكن لا يمكن زراعته بسبب غارات العرب. وتكاد تكون هذه القصور الثلاثة غير مأهولة ، إذ لا يقيم بها أكثر من خمس عشر أسرة تمت بصلة القرابة للناسك الذي سبق لي الكلام عنه قبل قليل ، ويستطيعون ، بفضل حمايته ، أن يزرعوا بعض القطع من الأرض بدون أن يدفعوا شيئا للعرب. وهؤلاء العرب يبيتون في مساكن أهل البلد عندما يأتون إلى هذه القصور ، ومساكنهم هذه حقيرة جدا ، فهي إلى حظائر الحمير أدنى منها إلى منازل الآدميين. وهي مليئة بالبراغيث والبق وهوام أخرى كثيرة. ومياه البلدة مالحة. وقد قصدت هذه البليدة وأقمت فيها مع سيدي يحيى ، الذي قدم لجمع الضرائب من هذه البلاد باسم ملك البرتغال الذي عينّ هذا الشخص قائدا لبادية آسفي (١٣٠).
__________________
(١٢٤) ٤٨ كم والصحيح ٦٠ كم.
(١٢٥) وهو المرابط سيدي أبو عبد الله محمد كانون الذي كان له فيما بعد دور تاريخي هام.
(١٢٦) يبدو أن موقعها ينطبق على موضع بلدة غويماسّة.
(١٢٧) ٢٢ كم.
(١٢٨) ٤٨ كم.
(١٢٩) وهو سهل حوز مراكش.
(١٣٠) هذا اللقاء الذي جرى بين المؤلف وبين أبي زكريا يحيى بن محمد او تعفوفت ، حدث في أواخر حزيران (يونيو) أو في تموز (يوليو) ١٥١٤ م. وسيقول لنا فيما بعد بأنه تكلم معه باسم ملك فاس والأمير شريف وأنه كان مع سيدي يحيى ٥٠٠ فارس برتغالي وأكثر من ٢٠٠٠ فارس عربي.