مدينة تشرافت
وهي مدينة صغيرة واقعة على ضفة آسيفلمل (١٣١) على مسافة أربعة عشر ميلا (١٣٢) من مراكش وعلى حوالي عشرين ميلا (١٣٣) من الأطلس. ويوجد حولها الكثير من البساتين المغروسة بالنخيل. والأراضي صالحة لزراعة القمح. وكل سكانها يشتغلون بزراعة البساتين. غير أن فيضانات النهر الواقعة عليه هذه المدينة كثيرا ما تتلف البساتين. وفضلا عن ذلك يأتي العرب صيفا ويلتهمون ما يجدونه قابلا للأكل. وقد ذهبت لهذه البليدة ولم أبق فيها إلا ما يكفي من الوقت لتقديم الشعير لخيولنا. وقد شاء حسن حظيّ أنني لم أقتل غيلة في هذا اليوم بأيدي هؤلاء العرب.
مدينة مراكش الكبرى
مراكش مدينة كبيرة جدا ومن بين المدن الرئيسية في العالم ، ومن أكثرها شرفا في افريقيا. وتقع هذه المدينة في سهل واسع على مسافة أربعة عشر ميلا من الاطلس. وقد شيّدت من قبل يوسف بن تاشفين ، ملك قبيلة لمتونة (١٣٤) في الزمن الذي دخل هذه المنطقة مع قبيلته. وجعل منها عاصمة مملكته ، قرب ممر أغمات الذي يخترق الاطلس من خلاله للذهاب إلى الصحراء حيث تقطن هذه القبيلة. وقد شيّدت وفق مخططات وضعها مهرة المهندسين على يد طائفة من العمال الحاذقين. وتحاط بأرض زراعية واسعة. وكانت يقطنها مائة ألف أسرة أو أكثر في حياة علي ، ابن الملك يوسف (١٣٥). وكان لها أربعة وعشرون بابا وجدار سور غاية في الجمال والمناعة ، مبنّى من اللبن الكلسي ومن رمل غليظ مخلوط بالجص. وعلى مسافة ستة أميال من مراكش يمر نهر كبير يدعى التانسفت (١٣٦) ، وتكثر في هذه المدينة الجوامع ، والمدارس ، والحمامات والفنادق حسب الأسلوب الشائع في افريقيا. ومن هذه الجوامع ما بناه ملوك لمتونة (١٣٧) ، ومنها ما شيده من جاءوا من
__________________
(١٣١) تشرافت واقعة على واد نفيس.
(١٣٢) ٢٢ كم.
(١٣٣) ٣٢ كم.
(١٣٤) لقد بناها يوسف بن تاشفين زعيم لمتونة في سنة ١٠٦٢ م.
(١٣٥) أبو الحسن علي بن يوسف الذي حكم من ٤ / ٩ / ١١٠٦ إلى ٢٦ / ١ / ١١٤٣.
(١٣٦) في الحقيقة لا تزيد المسافة كثيرا عن أربعة أميال (٧ كم) بين نهر التانسفت ومراكش.
(١٣٧) المرابطون.