ومع العرب. وكان يحكم أيضا بضع عشائر في جبال الأطلس. وكان كريما وشجاعا. ولم يكن عمره يتجاوز ستة عشر عاما حينما اغتال أحد أعمامه ونادى بنفسه أميرا على آنيماي. ولم يلبث أن اتته فرصة دلت على شجاعته وإقدامه. فقد تحالف عدد كبير من العرب مع ثلثمائة من فرسان البرتغال وقاموا بغارة مفاجئة حتى أبواب آنيماي. ونشبت معركة بينه وبينهم ، واستطاع هذا الشاب مع مائة فارس وبعض العرب أن يقاتل بشجاعة مذهلة ، وسقط عدد كبير من العرب المهاجمين صرعى ولم يعد ولا نصراني واحد حيا إلى البرتغال. ويرجع سبب هزيمتهم إلى أنهم لم تكن لديهم أية خبرة عن البلاد. وقد حدث هذا عام ٩٢٠ ه (١٩٣). وحدث أن طلب الملك (١٩٤) من أمير آنيماي إتاوة فرفض الأمير مطلبه. فأرسل الملك حينئذ حملة مؤلفة من عديد من الخيالة الرماة. فقرر الأمير ملاقاة العدو ، وخرج من المدينة لمباشرة المعركة ، ولكنه تلقى رصاصة من طبنجة في صدره فسقط ميتا في الحال. وأصبحت المدينة تابعة للملك ، وقد قدمت أرملة الأمير ، نفسها ، لقائد حملة الملك بضعة وجهاء فأسرهم وكبلهم بالأصفاد. وترك القائد وراءه حاكما وعاد أدراجه. وقد وقع هذا الحادث عام ٩٢١ ه (١٩٥).
أنفيفة
أما وقد تكلمنا عن منطقة مراكش بصورة تبدو لنا كافية ، فنشرع الآن في الكلام ـ حسب النظام المعهود ـ عن أكثر جبالها شهرة. وسنبدأ بجبل أنفيفة الذي يشير ، في الغرب ، إلى بداية هذه المنطقة ويفصلها عن منطقة حاحة. وهذا الجبل كثير السكان. وفوق قمته ـ التي كثيرا ما يتساقط فيها الثلج ـ يزرع الشعير بغزارة كبيرة. وسكانه همج دون أية تربية : وعندما يشاهدون ابن مدينة يدهشون لمنظره ويستغربون ثيابه. وهذا ما فعلوه معي في أثناء اليومين اللذين قضيتهما عندهم. فقد ارتديت معطفا أبيض اللون حسب عادة طلاب هذه البلاد. فأخذ كل رجل كنت اتحادث معه يلمسه ليتأمله ، حتى أصبح في نهاية هذين اليومين أشبه شيء بممسحة مطبخ. وقد اضطرني أحد وجهائهم أن
__________________
(١٩٣) لا تذكر الوثائق البرتغالية شيئا عن ذلك الحادث ، غير أنه محتمل جدا ، ويغلب على الظن أنه حدث قبل آخر شهر من عام ٩٢٠ ه وبين ١٧ كانون الثاني (يناير) و ١٤ شباط (فبراير) عام ١٥١٥ م.
(١٩٤) أي ملك مراكش.
(١٩٥) يحتمل حدوث ذلك في حزيران أو تموز (يونية أو يولية) ١٥١٥ م.