أبادله حصانه الذي يساوي عشرة دنانير مقابل السيف الذي أحمله والذي لم يكن يساوي دينارا ونصف الدينار في فاس. ويعود ذلك إلى أن التجار لا يأتون أبدا لهذه البقعة بسبب الاغتيالات التي ترتكب فيها. ويكثر هنا الماعز والعسل والهرجان. وابتداء من هذا الموقع يبدأ ظهور الهرجان.
جبل سمد (١٩٦)
يبدأ هذا الجبل من تخوم الجبل السابق. وينفصل عنه بنهر شيشاوة. ويمتد على مسافة عشرين ميلا (١٩٧) باتجاه الشرق. والسكان هنا أنذال ، غلاظ وفقراء (١٩٨). ونجد في هذا الجبل ينابيع كثيرة ويظل الثلج طيلة العام. ولا يوجد هنا شخص يحمي العدالة ولا شخص يتقيد بها. ويلجأ السكان أحيانا لأحد المسافرين الذين يرون فيه الكفاءة. وقد أمضيت ليلة في هذا الجبل ، في بيت فقيه محترم جدا بين هؤلاء الجبليين. وقد كان عليّ أن أتناول طعام أهل المنطقة ، أي دقيق الشعير المنقوع بالماء الغالي ، مع لحم تيس هرم بدا لي من قساوته أن عمره كان يتجاوز سبعة أعوام. وفضلا عن ذلك اضطررت أن أنام على الأرض العاريه. وقد استيقظت مبكرا استعدادا للسفر. وحينئذ وجدت أكثر من خمسين شخصا يحيطون بي وأخذوا يعرضون عليّ مخاصماتهم بنفس الطريقة التي يعرضونها على قاض أو على حكم ، ونظرا لأنني كنت أجهل تقاليدهم ، فقد أجبتهم بأنني لا أعرف شيئا عن قضاياهم. وعندئذ تقدم ثلاثة من أكثر وجهائهم زعامة لمقابلتي ، وقال لي أحدهم : «أيها السيد ربما كنت تجهل عادتنا. وإليك إياها : لا يغادرنا أي غريب قبل أن يدرس ويحسم دعاوينا» ، وما كاد يلفظ هذه الكلمات حتى رأيت حصاني وقد انتزع من يدي. وقد اضطررت إلى تحمّل تسعة أيام مرة وتسعة ليال لا تقل عنها مرارة ، سواء بسبب الطعام أو بسبب الفراش. هذا وبالإضافة إلى عدد القضايا ، لم يكن هناك إنسان يعرف كتابة كلمة واحدة. وهكذا قمت بوظيفة قاض وبوظيفة كاتب عدل في آن واحد.
وفي ختام ثمانية أيام قال لي الأهالي بأنهم سيقدمون لي في صبيحة الغد هدية جميلة. فقضيت ليلة خلتها ألف عام مع الأمل ، في شعوري ، بأنني سأتقاضى مقدارا كبيرا من
__________________
(١٩٦) اسم موقع لم يحدد له مكان.
(١٩٧) ٣٢ كم.
(١٩٨) كثيرا ما نجد هذا التعميم لدى الجغرافيين والرحالة العرب ، وغالبا ما يسجله المؤلف نتيجة مغاملة فردية ولا يمكن تعطى انطباعا صحيحا عن مجتمع أو مدينة أو منطقة بكاملها.