أجسادهم برمح وتترك جثثهم طعاما للكلاب. ويقوم هذا السوق في سهل بين جبلين (٢١٥). ويضع التجار بضائعهم تحت خيام أو تحت أكواخ صغيرة من الأغصان. وهم يتجمعون في فئات تنفصل بعضها عن بعض حسب نوعية البضائع ، فنجد في مكان ما تجار الأقمشة ، وفي آخر العقّادين وهكذا دواليك. ولكن يقيم تجار المواشي خارج الخيام. وإلى جانب كل خيمة يقوم كوخ من الأغصان يسمح بإقامة الوجهاء فيه ، وهنا يقدم الطعام للغرباء. ورغم ارتفاع رقم النفقات فإن بيع البضائع يجلب من العوائد ضعف المصاريف التي أنفقت ، لأن أهل كل المنطقة يأتون إلى هذا السوق ، حتى من بلاد السودان ، حيث يعقدون صفقات هامة. وخلاصة القول فإن أهل جزولة الذين يتميزون بنفسية خشنة استطاعوا بالحقيقة تسيير حركة سوقهم تسييرا جيدا فيما يتعلق بالهدوء والسلام. ويبدأ السوق يوم مولد محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي يقع في الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، أي الشهر الثالث من العام العربي حسب تقويمهم. وقد قصدت هذا السوق مع الأمير الشريف ، وقضيت هناك خمسة عشر يوما للاستمتاع ، في عام ٩٢٠ ه (٢١٦).
منطقة دكّالة
تبدأ مقاطعة دقّالة من غرب نهر التانسفت. وتنتهي شمالا على المحيط جنوبي نهر العبيد غربي نهر أم الربيع (٢١٧). وتمثل هذه المنطقة مسافة أربعة أيام طولا ويومين عرضا تقريبا. وهي كثيرة السكان ، ولكن الأهالي أشرار وجهال. ولا نجد سوى القليل من المدن المسوّرة. وسنتكلم عما يستحق الذكر من بلاد هذه المنطقة بلدة بلدة.
مدينة آسفي
آسفي مدينة شيّدها قدماء الأفارقة على ساحل المحيط. وتضم قرابة أربعة آلاف
__________________
(٢١٥) يعقد سوق المولد حاليا في موقع عسّة ببلاد آيت اوسّه في المجرى الأدنى لوادي الدرعة. وليس هناك احتمال كبير في أن موقعه قد تغير منذ ذلك الزمن ، غير أن هذه البليدة تقع في جنوب غرب بلاد جزوله.
(٢١٦) يصادف يوم ١٢ ربيع الأول ٩٢٠ ه يوم الأحد ٧ أيار (مايو) ١٥١٤ م. ولا يذكر تامبورال (طبعة ليون ١٥٥٦ م ، ص ٨٣) العام الذي مرّ فيه الحسن الوزان في هذه المنطقة.
(٢١٧) يمكن تصحيح هذا الموقع بسهولة ، ولكننا نجهل التخم الشرقي لإقليم دكالة في ذلك العصر ، ومن غير المحتمل كثيرا أن يكون مقرن وادي العبيد مع نهر أم الربيع هو الحد الفاصل بين دكالة وتادلة.