يطاردون البرتغاليين وقتلوا منهم خمسين فارسا (٢٥٧) ووصل أخو الملك إلى دكّالة ، وجبى الضريبة ووعد بمد يد المساعدة بدون انقطاع إلى المنطقة. ولكن بعد أن خذله العرب اضطر الى العودة الى فاس. وهكذا لما رأى سكان بولوان أن مجيء أخي الملك لم يكن له أية نتيجة سوى تحصيل الضريبة ، دون أن يقدم لهم أية نجدة تذكر ، استبدّ بهم الذعر وهجروا المدينة ولجأوا الى جبال تادلة خوفا من أن يأتي البرتغاليون بدورهم ويطالبونهم بغرامات ليس بمقدورهم تأديتها ، فيأخذوهم أسرى. وقد شهدت هذه الهزيمة ، ورأيت مجزرة رماة السهام ، ولكن كنت على مسافة ميل منهم على ظهر فرس تضيق افريقيا كلها عن قفزته عند فراره!. وكنت عندئذ مسافرا. وعدت الى مراكش قادما من ساحة المعركة التي خاضها جيش ملك فاس كي أخبر ملك مراكش والأمير شريف باقتراب قدوم شقيق الملك لكي يتداركوا ويأخذوا الأهبة ويعدوا ما استطاعوا من قوة للتصدي للبرتغاليين.
مدينة آزمّور
هي مدينة تقع في دكّالة ، وقد شيّدها قدماء الأفارقة على ساحل المحيط ، عند مصب نهر أم الربيع على مسافة ثلاثين ميلا من المدينة باتجاه الشمال (٢٥٨). وهي كبيرة جدا ومأهولة بشكل طيب. وتحوي زهاء خمسة آلاف أسرة. ويقصدها التجار البرتغاليون باستمرار. وسكانها أناس مهذبون جميلو الهندام. ومع أنهم ينقسمون الى طائفتين ، فإن المدينة تظل دائما مدينة سلام. وتنتج أريافها الكثير من القمح. ولا تشاهد فيها أشجار مثمرة ولا بساتين فيما عدا بعض أشجار التين ويدر النهر لهذه المدينة ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف دينار سنويا ، تجبى من رسوم الصيد لنوع من السمك يغزر في مياهه يسمى الألوزL\'alose ويبدأ موسم الصيد في تشرين الأول (اكتوبر) وينتهي في أواخر نيسان
__________________
(٢٥٧) هناك سرد مفصل جدا لهذه المعركة التي حدثت يوم الجمعة ١٢ نيسان (إبريل) ١٥١٤ م. فقد قدّم دوم جاوو دمينيسيس ، حاكم آزمور الذي كان يقود الحملة مع نونو فرناندز دو آتيد ، حاكم آسفى ، قدّم تقريرا للملك عما نوئيل الأول يقول فيه أن البرتغاليين لم يخسروا سوى اثنين وثلاثين فارسا ، منهم اثني عشر وجيها ويقول دوجواDegois في سرده تفاصيل المعركة بأنه في الساعة العاشرة صباحا ، سقط بعد ثلاث ساعات من القتال ، أكثر من خمسين فارسا قتيلا ، معظمهم من الرجال الممتازين ، ولم يسقط من المشاة سوى القليل وتجاوز عدد الجرحى المائة. أما المغاربة فقد خسروا اكثر من ألفين وستمائة قتيل منهم ستمائة وخمسون من رماة السهام ورماة البنادق ، فضلا عن أربعة آلاف جريح وأكثر من مائتين وثمانين أسيرا.
انظر ايضا ، ب. دو سينيفال : المصادر غير المنشورة عن تارخ المغرب ، الزمرة الأولى. البرتغال. المجلد الأول.
باريس مكتبة غوتنر ١٩٣٤ م. ص ٥٤٠ ـ ٥٤١.
(٢٥٨) في الحقيقة تقع آزمور على مسافة تزيد على ٩٠ كيلومتر (٥٦ ميل) شمال المدينة.