مقدّمة
لقد ظهر في البندقية ، عام ١٥٥٠ (١) مؤلف ذو قيمة فريدة. فقد عمد عالم ذو ثقافة عالية يدعى جان باتيست راموزيو ، وكان أمين سر لمجلس الأمناء العشرة ، إلى نشر عدة قصص رحلات باللغة الإيطالية لم يسبق نشرها تحت عنوان «في الملاحة والرحلات» ، وكانت أكثر هذه الرحلات أهمية هي «وصف إفريقيا» بقلم جان ليون ، الملقب بالإفريقي.
وقد كان لكتاب راموزيو النجاح الذي يستحق. فمنذ عام ١٥٥٦ (٢) ظهرت ترجمتان لهذا الكتاب. فقد نشر جان فلوريان في آنفرس في بلجيكا ، ترجمة لاتينية عن كتاب «وصف أفريقيا» ونشر جان تامبورال ، من ليون في فرنسا ترجمة فرنسية له. وتعتبر الترجمة اللاتينية عديمة القيمة وخالية من أية فائدة ، بينما تبدو الترجمة الفرنسية ممتازة بالنسبة لذلك العصر. فلغتها هي الفرنسية القديمة التي كانت مستخدمة في القرن السادس عشر. ولعل ذلك هو الذي أضفى عليها جاذبية خاصة. وجعل العلماء ـ حتى في عصرنا الحاضر ـ يؤثرون نقل نصوص كاملة من هذه الترجمة على الرجوع إلى الأصل الايطالي. وظلت ترجمة تامبورال هي المعتمدة في فرنسا. بيد أن هذه الترجمة تبدو عند بحثها بدقة منطوية على مآخذ جلية للعيان ، فلغتها القديمة صعبة الفهم ومتعبة للقارىء العادي ، والمحقق الذي يراجعها على نص راموزيو لا يلبث أن يعثر فيها على الكثير من الأخطاء والنقاط الغامضة. ومن ثم لم تعد قط أداة جيدة للبحث ، وأصبح من الضروري إعادة ترجمة كتاب راموزيو من جديد.
وها نحن أولاء نقدم اليوم ترجمة لكتاب «وصف إفريقيا» لصاحبه جان ليون ؛ وإذا كانت كل قصص الرحلات التي نشرها راموزيو في عام ١٥٥٠ ذات فائدة كبيرة من وجهة النظر التاريخية والجغرافية ، فإن «وصف» ليون يحوي من الفائدة ما يتجاوز
__________________
(١) ٩٥٧ ه.
(٢) ٩٦٤ ه.