ومن اعدائنا النصارى الأوغاد كذلك وإذا كانت إرادتك غير ذلك ، أسألك أن تصب بلاءك على عاتقي وحدي ، لأن الناس الذين يتبعوني لا يستحقون عقابا». وفي المساء عدنا الى المعسكر بعد أن أمضينا النهار في الجبل. وفي الصباح التالي رأى الملك أن يقوم بالصيد في الغابات التي تحيط بالبحيرة. فاستعمل في ذلك الكلاب والصقور التي يملك منها عددا كبيرا. وهكذا جرى صيد الحباري والبط ، والطيور المائية والترغل. وفي اليوم التالي جرى صيد بواسطة كلاب السلوقي والصقور والباز ، وتم صيد أرانب ووعول ودلادل (٢٧٦) وغزلان وأبناء آوى وحجل بكميات لا تحصى ، إذ لم يحدث صيد بمثل هذا الشكل منذ مائة عام في هذا الجبل.
وبعد هذا الصيد ، أخذ الملك قسطا من الراحة ، وانطلق ليذهب مع الجيش نحو مدينة الدكالة ، وسمح للفقهاء وللعلماء الذين كانوا معه بالعودة الى فاس. وأرسل عددا منهم إلى مراكش وكنت عضوا في هذا الوفد. وحدث هذا في عام ٩٢١ ه (٢٧٧).
منطقة هسكورة
هسكورة منطقة تبدأ من التلال الواقعة في دكالة باتجاه الغرب وتنتهي غربا عند نهر التانسفت عند قدم جبل آديمي. وتتاخم من الشمال وادي العبيد الذي يفصل هسكورة وتادلة إحداهما عن الأخرى. وتقوم دكالة مع تلالها بفصل هذا الإقليم عن المحيط. وسكان هسكورة أفضل تربية بكثير من أهالي دكالة ، إذ تتوافر في هذه المنطقة موارد من كثرة محصول الزيت ، ومن تلك الجلود المغربية التي يستأثر إعدادها بجهود كل السكان تقريبا. ولدى هؤلاء عدد عظيم من الماعز وتجري دباغة كل الجلود التي تأتي من الجبال المجاورة في نفس المنطقة. ونظرا لوجود كمية كبيرة من الأغنام تصنع أقمشة جميلة جدا من الصوف لسد الحاجات المحلية. كما تصنع هنا سروج خيل أنيقة. ويقوم تجار فاس الذين يعقدون صفقات هامة في هذه الكورة بمقايضة أقمشتهم الكتانية في مقابل الجلود والسروج. وعملة هذه المنطقة هي العملة الدارجة في دكالة ويشتري العرب في هسكورة عادة الزيت وأشياء أخرى.
وسأتكلم الآن عن كل مدينة الواحدة تلو الأخرى.
__________________
(٢٧٦) أو الخنزير الشوكي ، أو النيص.
(٢٧٧) ١٥١٥ م.