ابن وطنه. وعلى مدى إقامتنا كانت دار الإمارة تقدم لنا عجولا أو خرافا أو دجاجا ولما رأيت كثرة صغار المعز الموجودة في هذه المدينة ، طلبت من مضيّفي لماذا لا يقدمون لنا شيئا منها. فأجابني بأن هذا الحيوان يعتبر أدنى حيوان في المنطقة ولذلك يفضلون عليه في الإهداء الكبار من إناث المعز والتيوس.
ونساء هذه المدينة جميلات وشديدات البياض. وهن تمنحن وصالهن للغرباء عن طيب خاطر إذا استطعن ذلك وبشرط أن يتم ذلك في الخفاء.
ألمدين : مدينة في نفس الإقليم
ألمدين (٢٨٢) بلدة مجاورة للسابقة ، وعلى مسافة أربعة أميال (٢٨٣) إلى الغرب منها ، وتقع في واد بين أربعة جبال مرتفعة ، وهي بقعة باردة جدا. ويسكنها نحو ألف أسرة وأهل «ألمدين» هم دوما في حالة حرب مع سكان «المدينة». (المذكورة في الفقرة السابقة).
وفي أيامي استولى ملك فاس على هاتين المدينتين بواسطة تاجر من فاس وتم ذلك للأسباب الآتية : كان هناك تاجر فاسي ، كما سبق أن ذكرت ، مشغف حبا بفتاة صغيرة جميلة ، وقد وعده والدها بأن ينكحه إياها. ولكن في يوم العرس خطف الفتاة شخص كان زعيم المدينة. وقد كظم التاجر غيظه وطلب من هذا الزعيم السماح له بالرحيل. وعاد إلى فاس وقدم للملك هدية مؤلفة من أشياء جميلة ونادرة من هذه الكورة. وطلب منه ان يتفضل عليه ويعيره أربعمائة جندي راجل وثلاثمائة فارس ومائة من راشقي السهام يتعهد بنفقتهم جميعا. ووعد بأن يكتسح المدينة في قليل من الوقت وأن يحتفظ بها باسم الملك وأن يدفع كل سنة سبعة آلاف دينار ضرائب عن المنطقة. وقد قبل الملك هذا العرض وظهر كريما جدا ، إذ لم يترك على عاتق التاجر سوى نفقات راشقي السهام. وزوّده بكتاب يأمر به حاكم تادلة بأن يقدم للتاجر مثلهم من الخيالة ومن المشاة مع قائدين. وبعد أن أتم استعداداته على ما يرام قام التاجر المذكور ونصب معسكره أمام المدينة وحاصرها لمدة ستة أيام قام الأهلون في نهايتها وافهموا زعيمها بأنهم لا يريدون
__________________
(٢٨٢) مدينة اختفت كما نجهل اسمها الصحيح ومكانها.
(٢٨٣) ٤ ، ٦ كم.