التعرض لنقمة الملك ولا لما يلحقهم من جراء ذلك من أضرار. وهكذا خرج زعيم المدينة متخفيا بزي شحاذ ، ولكن أمكن التعرف عليه واقتيد أمام التاجر الذي كبله بالأغلال. وفي غضون ذلك فتح الأهلون أبواب المدينة وسلموها للتاجر الذي كان يتصرف باسم الملك. وجاء أهل الفتاة التي أحبها يعتذرون إليه قائلين بأن حاكم البلدة انتزعها منهم بالقوة بينما كانت في الحقيقة زوجة التاجر لأنه كان أول من منحوه إياها. وقد كانت هذه المرأة في حالة حمل في شهرها الثامن. وانتظر التاجر الى أن ولدت ثم تزوجها. أما زعيم المدينة فقد حكم الفقهاء عليه بالإعدام باعتباره زانيا وجرى رجمه في نفس اليوم. واحتفظ التاجر بحكم المدينة وعمل على استتاب الأمن. بين البلدتين المتعاديتين ، وبرّ بالوعد الذي قطعه على نفسه للملك.
وقد ذهبت إلى هذه المدينة وتعرفت فيها على التاجر الذي يحكمها. وعدت بعدئذ إلى فاس في نفس هذا العام حيث ذهبت لبيتي استعدادا للانطلاق إلى القسطنطينية (٢٨٤).
تاغوداست : مدينة في هسكورة
تاغوداست (٢٨٥) مدينة واقعة في رأس جبل شاهق ومحاط بأربعة جبال مرتفعة. وتطيف بهذه المدينة مزارع مثمرة بديعة جدا فيها جميع أنواع الأشجار. ورأيت فيها من المشمش ما ان حجمه ليعادل البرتقالة. وكرومها تسند إلى الحوائط في أشكال بديعة وتحملها سوق الأشجار. وتنتج عنبا احمر يسمى في لهجة أهل البلاد «بيض الدجاج» وبالفعل يناسبه هذا الاسم نظرا لكبر حباته. ويكثر هنا الزيت والعسل. ومن عسلها نوع أبيض كاللبن ، وهو ممتاز ، ومنه نوع أصفر فاتح كالذهب. وزيتها طيب الطعم ممتاز في نوعه. وتؤلف ينابيع في داخل المدينة جدولا يحرك مجراه بعض الطواحين الصغيرة المقامة على ضفتيه. وفيها العديد من الصنّاع الذين ينتجون أدوات دارجة في الاستعمال والسكان هنا مهذبون نسبيا. وتتزين النساء ، وهن غاية في الجمال ، بحلى فضية جميلة ، ذلك لأن أزواجهن يبيعون زيتهم بربح طيب. ويذهبون لبيعه في المدن المجاورة للصحراء ، أي في مواضع في الأطلس واقعة إلى الجنوب من الجبل. ولكنهم يذهبون الى فاس ومكناس لبيع الجلود.
__________________
(٢٨٤) وذلك خلال الأيام الأخيرة من تموز (يولية) أو أوائل ايام شهر آب (اغسطس) عام ١٥١٥ م.
(٢٨٥) الاسم والمكان غير معروفين ربما وجب البحث عنها من ناحية تاكوست.