وأهل أفزة بطيئون جدا في إنجاز ما يعدون تقديمه من بضاعة. فقد اعتاد التجار ان يدفعوا اليهم مسبقا ثمن البرانس التي يوصون عليها على ان تسلم خلال ثلاثة شهور ، ولكنهم لا يتوقعون ان تسلم لهم في العادة الا بعد عام كامل ، وقد قصدت هذه المدينة في الزمن الذي وصل فيه جيش ملكنا إلى تادلة فخضعت حالا. وفي المرة الثانية التي جاء إليها القائد ، تقدمت إليه بهدية مؤلفة من خيول وخمسة عشر عبدا ، وكان كل عبد يمسك بزمام حصان ، كما قدم له أهل تفزة مائتي خروف وخمس عشرة بقرة. فاعتبرهم القائد مخلصين للملك (٣٢٩).
آيت عتّاب : مدينة من تادله
آيت عتّاب ، مدينة بناها الآفارقة فوق سفح جبل عال جدا على مسافة أربعين ميلا جنوب غربي المدينة السابقة (٣٣٠) ، وهي مأهولة كثيرا ، ومليئة بالنبلاء والفرسان. ونظرا لصناعة كمية كبيرة من البرانس في هذه المدينة يوجد فيها دوما العديد من التجار الأغراب. ويظهر الثلج باستمرار فوق قمة الجبل المطل على المدينة. وجميع الأودية المجاورة مليئة بالكروم وبمزارع أشجار بهيجة. ولا تباع فيها أية فاكهة بسبب هذه الوفرة. ونساؤها شديدات البياض ، سمينات ولطيفات. ويتحلين بقدر كبير من حلى الفضة وعيونهن سوداوات كشعرهن. والسكان ذو أنفة. ففي الوقت الذي احتل فيه ملك فاس تادله ، لم تقبل هذه المدينة أن تخضع له ولا أن تعده بالطاعة ، ولكنها انتخبت وجيها قائدا لجيشها. وبعد أن عبأ الفا من الخيالة الخفيفة تجرأ ووقف في وجه قائد الملك ، أي الزرناقي ، وشن عليه حربا كادت ، عدة مرات ، أن تؤدي إلى فقدان كل ما فتحه. فأرسل الملك أخاه على رأس جيش لنجدة قائده ، ولكن هذا لم يأت بشيء ذي بال. واستمرت الحرب ثلاثة أعوام إلى أن مات زعيم العصابة مسموما على يد يهودي وكان ذلك بإيعاز من الملك. وعندئذ عادت المدينة للدخول في الطاعة في عام ٩٢١ ه (٣٣١).
__________________
(٣٢٩) وبسميها مارمول الذي كان في هذه البلدة تفزه أو فيكستلا ، ويكمل هذا الوصف. وهي اليوم زاوية فشتاله على مسافة ٦ كلم جنوبي درنة.
(٣٣٠) أي ٦٤ كلم في الجنوب الغربي ، ويحتمل أن هذه المدينة كانت تشغل ضواحي قصبة قائد آيت عتاب ، التي تطل من ارتفاع ٨٨٩ م على الضفة اليمنى لنهر واد العبيد.
(٣٣١) بين منتصف شباط (فبراير) وأواخر تموز (يوليه) ١٥١٥ م.