وهم رجال رشيقون ، أشداء ، شجعان في اللقاء. وسلاحهم يتمثل في رماح صغيرة وسيوف محنية وخناجر. ويستخدمون أيضا الحجارة التي يقذفونها بحذق شديد وبقوة كبيرة. وهم في حالة حرب مستمرة مع سكان تادلة ، حتى إن تجار المنطقة لا يستطيعون المرور بالجبل بدون إذن مرور وبدون دفع رسوم باهظة. والأماكن المسكونة بائسة ومتباعدة بعضها عن بعض حتى إن من النادر أن نجد ثلاثة أو أربعة بيوت مجتمعة. ويملك الأهالي العديد من الماعز والكثير من البغال الصغيرة التي هي في حجم الحمير. وترعى هذه الحيوانات في غابات الجبل ، ولكن الأسود تفترس بعضها وتقطع أعضاء بعضها. ولا يخضع أهل المنطقة لأي أمير ، لأن جبلهم عسير جدا ووعر للغاية فأصبح بذلك حصنا لا يرام. وقد أراد القائد الذي فتح تادلة في أيامنا أن يقوم بغارة في هذه المنطقة. وما إن تناهى الخبر لأسماع السكان حتى شكلوا فصيلة قوية من رجال شجعان كمنت دون أن تحدث ضجة قرب صخرة تحاذي دربا صغيرا يضطر العدو أن يمر منه. وما رأى ان الخيالة قد توغلت على سفح الجبل ، حتى خرج عليهم هؤلاء من كمينهم من كل جهة ، وقذفوهم بالحراب وبالحجارة الكبيرة. وكانت المعركة قصيرة لأن القائد لم يتمكن من التصدي للهجوم ، ولا أن ينجو لأن الكثير منهم. تساقطوا مع خيولهم من فوق الجسر ودقت اعناقهم ، وقتل بعضهم الآخر ، حتى إنه لم ينج منهم إلا من وقع في الاسر. وهؤلاء كان لهم أسوأ مصير ، لأن المنتصرين اقتادوهم مكبلين حتى بيوتهم حيث قامت نساؤهم بالتمثيل بهم تعبيرا عن احتقارهم الأقصى ، وذلك لأن الرجال يأنفون من قتل الأسرى فيسلمونهم لأيدي النسوة.
ولم يتجرأ أهل هذه المنطقة ، منذ ذلك الحادث ، على التردد على تادلة ، ولم يكن لهم كبير حاجة إلى ذلك إذ تنمو في جبلهم مقادير كبيرة من الشعير ، ويملكون قطعانا كبيرة العدد من الأنعام ، ولديهم من الينابيع أكثر من البيوت. ولا يفتقرون إلا الى الأشياء المألوفة في التجارة.
جبل إيمغران
إيمغران جبل يقع خلف الجبل السابق قليلا ويشرف من الجنوب على بلاد فيركلة ، على تخوم الصحراء. ويبدأ تقريبا عند هذا الجبل غربا وينتهي شرقا عند السفوح الدنيا
__________________
ـ مجهولة تقريبا بالنسبة للمؤلف. ولكنه ارتكب خطا فريدا بوضع نبع أم الربيع في منطقة إيمغران ، ذلك النهر الذي يقع على مسافة ٢٥٠ كلم شمال أراضيهم ، ويقصد بسغمة الكتلة الجبلية في جنوب شرق أم الربيع.