كان يجتاز جبل الأطلس كي يؤدي إلى الصحراء.
وكان كل أهالي تخوم هذا القسم من الصحراء يأتون إلى تغّت لشراء حنطتهم. وقد تهدمت هذه المدينة أيضا أثناء حرب المارقين عن الإسلام. وبعد ذلك بفترة قصييرة عمرت من جديد. ولكنها لم تعد أكثر من قرية يخزن فيها بعض العرب حبوبهم ، وسكانها هم حراس على هذه الحبوب. فلا نجد فيها دكاكين ، ولا صناع ، ما عدا الحدادين الذين يصلحون الأدوات الزراعية ويحذون الخيل.
وقد تلقى هؤلاء الناس من سادتهم العرب أمرا بحسن استقبال كل الغرباء الذين يمرون بهذا المكان. ويدفع التجار رسم مرور ، قيمته غيوليو (٢٩) مقابل كل حمل من الجوخ أو من القماش الكتاني الذي ينقلونه ، ولكن لا يدفعون شيئا عن المواشي ولا عن الخيل.
وقد مررت عدة مرات بهذه البلدة ولم ترق لي ، ولكن أرضها ممتازة فعلا وتزخر بالحبوب والمواشي.
عين حلوف (٣٠)
وهي مدينة صغيرة لا تبعد كثيرا عن المنصورة ، مبنية في سهل تظهر فيه بعض أحراش الزعرور وبعض الأشجار الشوكية الأخرى التي تنتج ثمارا مستديرة تماثل العنّاب ، ولكنها صفراء اللون ، مع نواة أكبر حجما من نواة الزيتون ، وطعم شحم هذه الثمرة غير جيد (٣١) ، وتوجد حول هذه المدينة مستنقعات تعيش فيها أعداد كبيرة من سلاحف الأرض وسلاحف الماء ، وكذلك ضفادع كبيرة جدا ، وهي غير سامة كما سمعت من بعضهم. ولم يشر أي مؤلف إفريقي إلى هذه المدينة ، وهذا بلا ريب بسبب قلة أهميتها ، وربما لأنها هدمت منذ زمن قديم جدا. ولا يبدو أنها قد أنشئت على أيدي الأفارقة ، ويظهر أنها بنيت في عهد الرومان ، أو من قبل قوم ينتسبون لأمة غريبة عن إفريقيا (٣٢).
__________________
(٢٩) عملة إيطالية كانت تعادل ٧٥ فرنك ذهبي.
(٣٠) الحلوف هو الخنزير البري في لغة أهل المغرب ، أو الخنزير بشكل عام.
(٣١) ربما كان يقصد بذلك العناب البري Zizyphus Lotus
(٣٢) لا توجد اليوم أبدا آثار تدل على ضاية حلوف ، الواقعة على مسافة ١٥ كم جنوب المنصورية