المملكة. ولكن ملك فاس زود هذه المدينة بمخازن أقوات كبيرة وهو يدعمها قدر استطاعته.
وقد ذهبت إليها وتملكتني الشفقة تأسيّا عند ما فكرت بما كانت عليه في الماضي وما آل إليه حالها اليوم.
سلا
سلا (٣٦) مدينة صغيرة بناها الرومان قرب نهر أبي الرقراق على مسافة ميلين تقريبا من المحيط وعلى ميل واحد من الرباط ، بحيث إن الذي يريد الذهاب من سلا إلى البحر يضطر أن يمر من الرباط (٣٧). ولكن هذه المدينة تخربت في أيام حرب المارقين عن الإسلام (برغواطه). وبعدئذ أعاد المنصور بناء أسوارها ، وبنى فيها مرستانا فخما وقصرا لسكنى الجند. وبنى فيها كذلك جامعا بديعا مع قاعة للصلاة مزينة بأبهة ؛ بالمرمر المجزع ، وبالفسيفساء ، والنوافذ ذات الزجاج الملون. وعند دنو أجله عبر بوصيته عن رغبته في أن يدفن فيها. وبعد وفاته (٣٨) نقل جثمانه من مراكش ، وتم فيها دفنه. وقد وضعت فوق قبره شاهدتان من الرخام ، إحداهما فوق رأسه ، والثانية عند قدميه ، ونقشت فوقهما أبيات شعر أنيقة عبرت عن لواعج الأسى التي نجمت عن موت هذا الملك ، وهي أبيات من نظم عدة شعراء. واحتفظ كل أمراء هذه الأسرة بعادة دفنهم في هذه القاعة. وسار ملوك بني مرين على نفس المنوال ، في أزهى أيام أسرتهم. وقد دخلت إلى هذه القاعة حيث أحصيت ثلاثين ضريحا لهؤلاء الأمراء ، وقد سجلت كل كتاباتها ، وكان هذا في عام ٩١٥ للهجرة (٣٩).
المعدن العوام
وهذه مدينة بناها في أيامنا خازن الخليفة عبد المؤمن على ضفة نهر أبي الرقراق ،
__________________
(٣٦) أو شلا
(٣٧) تم في سلا الكشف عن قسم من أطلال المدينة الرومانية سلا كولونيا التي قامت على أنقاض مدينة كانت تابعة لقرطاجة وربما كانت تابعة للفينيقيين.
(٣٨) في ٢١ كانون الثاني (يناير) ١١٩٩ م.
(٣٩) بين ٢ / ٤ / ١٥٠٩ و ٩ / ٤ / ١٥١٠ م.