على إرساء كل قواعده وأخذوا يقيمون الجدران والزوايا المحصنة. بينما كان الأسطول مرابطا في المصب. وعلى حين غرة برز لهم شقيق ملك فاس (٦٨) فخسر البرتغاليون ثلاثة آلاف رجل قطعوا إربا إربا ، لا لأن الشجاعة كانت تعوزهم (٦٩) ولكن بسبب ما حدث في صفوفهم من الفوضى. وإليكم ما حدث : ففي إحدى الليالي وقبل الفجر نزل ثلاثة آلاف برتغالي بقصد الاستيلاء على مدفعية ملك فاس. وقد كان خطأ عظيما اعتقادهم أن مثل هذا العدد من المشاة يستطيع النجاح في مثل هذه الموقعة الحربية ، في حين كان عدوهم يحشد خمسين ألف رجل من المشاة وأربعة آلاف من الخيالة ولكن البرتغاليين ظنوا أن في استطاعتهم قبل أن يعرف عدوهم ما يجب عمله للرد على هجومهم الخاطف ، أن يسحبوا المدفعية المغربية إلى حصنهم الذي كان على مسافة ميلين تقريبا من هذه المدفعية. وكان يقوم على حراسة هذه المدينة ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف رجل ، ولكنهم كانوا نياما جميعا في الفجر. وكانت العملية ناجحة جدا حتى أن البرتغاليين سحبوا قطع المدفعية لمسافة ميل تقريبا ، عندما انكشف أمرهم ، وكانت الجلبة كافية لإيقاظ كل المعسكر ، وفي برهة من الوقت أخذوا سلاحهم وانقضوا على البرتغاليين الذين تحلقوا فورا على شكل دائرة ، وبدون أن يفقدوا شجاعتهم ، تابعوا مسيرتهم وهم يدافعون عن أنفسهم. ولم ترتعد فرائصهم مطلقا عندما وجدوا أنفسهم محاطين من سائر الجهات وبعد أن رأوا أن الطريق قد قطع عليهم ، بل إن حميتهم قد أتاحت لمقدمة جيشهم أن يشق لنفسه ثغرة اخترق منها صفوف العدو المحيطة به. وكادوا ينجون لولا إن بعض قدامى الرقيق من النصارى الداخلين في الإسلام الذين يعرفون اللغة البرتغالية نادوا عليهم وأمروهم بالقاء السلاح ، وبأن أخا الملك سيتركهم أحياء. فانصاعوا للأوامر. ولكن المغاربة الذين كانوا حانقين لم يريدوا أن يكون لديهم أي أسير فقتلوهم جميعا. ولم ينج منهم سوى ثلاثة أو أربعة بفضل حماية بعض قواد شقيق الملك.
وهكذا أصبح قائد حامية الحصن في أقصى حالة من اليأس لأن زهرة قواته كانت بين القتلى. فطلب النجدة من القائد العام الذي كان يرابط في خارج مصب النهر مع سفن كانت تحمل على متنها العديد من النبلاء والفرسان البرتغاليين. ولكن السفن لم تستطع
__________________
(٦٨) هو النصر الكداد حاكم مكناس وتامسنة.
(٦٩) هناك تقرير أرسل بتاريخ ٢٠ تموز (يونية) الى ملك البرتغال يقول بصراحة إن الجنود لم يصابوا بأي نوع من الخوف تماما كما لو كانوا فرنسيين ComoSe Foram Franceses