زرعوا كذلك قصب السكر ، ولكن لم تحصل منه فوائد كبيرة مثل ما كانت تعطيه زراعته في بلاد الأندلس. وقد كان سكان هذه المدينة في الماضي يتميزون بشدة التهذيب ، ولكن الأمر ليس كذلك في أيامنا هذه لأن جل سكانها تقريبا أصبحوا من المزارعين (٨٩).
بني باسل
بني باسل مدينة صغيرة بنيت هي أيضا على أيدي الأفارقة على نهر صغير ، في وسط الطريق الذي يذهب من فاس إلى مكناس على مسافة ثمانية عشر ميلا تقريبا (٩٠) إلى الغرب من فاس (٩١). ولهذه المدينة أرياف واسعة جدا تجري فيها جداول عديدة وينابيع غزيرة. وهي مأهولة كلها بالعرب (٩٢) الذين يزرعون فيها الشعير والكتان. أما الزراعات الأخرى فلا يمكن أن تنجح تماما لأن أرضها حجرية ومغمورة دائما بالمياه (٩٣) ويوجد حول بلدة بني باسل الكثير من مزارع الأشجار ، كما يستدل على ذلك من أطلالها. ولكن الدينة تهدمت كما تهدمت المدن الأخرى في زمن حروب سعيد. وظلت مهجورة مدة تقارب مائة وعشرة أعوام. ولكن بعد عودة ملك فاس من دكالة (٩٤) أرسل لإعمارها قسما من السكان الذين أجلاهم عن هذه المنطقة. غير أن الناس الذين استوطنوا هذه البلدة هم أجلاف ولا يقيمون هنا إلا على مضض.
__________________
(٨٩) يذكر مارمول أن خميس متغاره واقعة على الطريق بين فاس ومراكش ، على نفس المسافة بين فاس وجامع الحمام ، أي حوالي خمس مراحل أو ٢٥ كم عن الأولى والثانية. ويذكر أن هذه البلدة كانت مأهولة بالمور يسكيين الذين غادروا مملكة غرناطة عام ١٤٩٦ م ، وهذا يصحح المعلومات الواردة في النص : فخميس متغاره خلت من السكان مدة تسعين عاما تقريبا وليس مائة وثلاثين عاما. ويشير أيضا إلى استمرار بقاء سوق الخميس ، الذي أخذت منه هذه البلدة اسمها. ويخبرنا أخيرا أن الشريف محمد جاء في عام ١٥٤٤؟ بعد أن أسر ملك فاس أحمد الوطاسي في معركة درنة ، جاء وضرب معسكره مع جيشه قريبا جدا من هذه البلدة وأتلف بستان زواغة ، وأمر بذبح القسم الأعظم من سكان خميس امام عينيه كي يرهب أهل فاس. ولم يمكن بعد تشخيص موقع هذه البلدة حتى الآن.
(٩٠) ٢٩ كم.
(٩١) يحدد مارمول ان بني باسل كانت على وادي نجا قريبا من منبعه.
(٩٢) يذكر مارمول أنهم كانوا من بني مالك.
(٩٣) أي شبه مستنقع.
(٩٤) صيف سنة ١٥١٥ م.