ذراعا (١١٤). وقد صنعت مجار حول البركة تصرف الماء الجاري لأسفل المراحيض ، وفي هذه المدينة مائة وخمسون مرحاضا من هذا النوع (١١٥).
وبيوت فاس مبنية بالآجر وبحجارة جيدة النحت. وأكثر هذه الحجارة بديعة ومزدانة بفسيفساء جميلة. وصحون البيوت ودهاليزها مبلّطة ببلاط مربع قديم مختلف ألوانه ، على هيئة الأواني المايورقية (١١٦). والمألوف هنا أن تطلى السقوف بألوان زاهية وبهيّة ، من طلاء لازوردي وذهبي. والسقوف مصنوعة من خشب وهي أفقية ، بشكل يسمح بنشر الغسيل بسهولة فوق سطح البيت الذي يتحول كله إلى مصطبة ينام عليها الناس في ليالي الصيف. وتتألف كل البيوت تقريبا من طابقين وللكثير منها ثلاثة. ولكل الطوابق شرفات كثيرة الزخرف وتسمح بالتنقل تحت سقف من غرفة لأخرى ، لأن صحن البيت مكشوف ، وسائر الغرف تطل عليه. وأبواب الغرف عريضة جدا وعالية كثيرا. ويصنع الأشخاص الميسورون مصاريع هذه الأبواب من خشب جميل للغاية ومنقوش بشكل متقن. ومن عادتهم أن يستعملوا في غرفهم خزائن ظريفة جدا مزدانة بالدهان في امتداد عرض الغرفة. ويحتفظون فيها بأثمن أشيائهم. ويفضل بعضهم ألا يزيد ارتفاع هذه الخزائن عن ستة أشبار (١١٧) بحيث يتمكّنون من مد فرشهم فوقها. ودهاليز هذه البيوت قائمة فوق أعمدة من آجر مكسوّة حتى منتصف ارتفاعها بالمايورقي. ونرى في بعض البيوت أعمدة من رخام. والعادة أن يبنى بين كل عمود وآخر قنطرة مغطاة بالفسيفساء. وتصنع الدعائم المقوّسة ، الموضوعة بين الأعمدة والتي تحمل سقوف الطوابق العليا ، من الخشب ، وهي مزخرفة بنقوش جميلة ومزيّنة بذوق رفيع بأصباغ
__________________
(١١٤) بما ان الذراع الروماني يساوي ٦٧ سم فيكون العمق حوالي المترين والعرض ٧ ، ٢ م والطول ٧ م. ولا يزال يوزع الماء في فاس القديمة حتى الآن على هذه الصورة.
(١١٥) «تعطينا هذه الفقرة فكرة عن الرقي الصحي في المدن الاسلامية القديمة كما في دمشق داخل الاسوار وحلب وهو ما لا يتوافر مع الاسف في كثير من مدننا الحديثة ولا سيما في الاحياء الاوروبية الطراز. اما في روما فكان اول من اوجد هذه المراحيض العامة هو الامبراطور فسباسيان الذي حكم بين ٦٠ و ٧٩ م وفرض رسوما معينة على هذه المراحيض العامة تجبى من الذين يترددون عليها. ولما اعترض ابنه تيتوس على ذلك مد يده لولده وفيها قطعة نقود وقال له شمّها! «الدراهم ليس لها رائحة». ويروى أنه حاول النهوض من فراشه في مرضه الأخير وتحامل على نفسه قائلا : «الامبراطور يجب أن يموت واقفا» (المترجم).
(١١٦) نسبة إلى جزيرة مايورقة التي كان يحكمها أولاد غانية الذين سبق ذكرهم. وهم من المرابطين. وهي إحدى جزر الباليئار الاسبانية.
(١١٧) يعادل الشبر المراكشي ٢١٦ مليمتر ، فالستة أشبار تساوي ٣ ، ١ م.