السنوية بكيل واحد عن كل مائة كيل تحفظ في الصومعة.
وفي القسم الجنوبي من المدينة ، الذي يكاد يكون غير مسكون ، يقع الكثير من الحدائق ، المليئة بأشجار مثمرة متنوعة وممتازة ، مثل أشجار البرتقال والليمون والأترج وكذلك الزهور الجميلة ، من بينها الياسمين وورود دمشق والرتم المستورد من أوربا وهو مرغوب جدا لدى مسلمي الأندلس. وتحفل هذه البساتين بقصور جميلة وبرك ماء وحنفيات ، وتحاط البرك بالياسمين وبالورود وبأشجار البرتقال. وعند ما يمر الانسان ، في فصل الربيع ، من جوار هذه الرياض يشم أعطر شذى ينبعث من كل جانب ولا يكاد يشبع نظر الإنسان من متعة جمالها وملاحتها ، وتشبه كل روضة من هذه الرياض جنة أرضية. ولهذا كان من عادة الوجهاء الإقامة فيها ابتداء من مطلع شهر نيسان (ابريل) حتى آخر ايلول (سبتمبر).
ويظهر في القسم الغربي من المدينة التي يتاخم المدينة الملكية (١٥٩) الحصن الذي تم بناؤه في عهد ملوك لمتونة (١٦٠) ومساحته تكاد تكون مساحة مدينة. وكان هذا في الماضي مقر سكن حكام فاس وأمرائها قبل ان تصبح هذه المدينة عاصمة المملكة. ومنذ أن بنيت مدينة فاس الجديدة على يد ملوك بني مرين (١٦١) لم تعد القصبة أكثر من مسكن للحاكم. وفي القصبة جامع صغير شيد في العصر الذي كانت القصبة فيه كثيرة السكان (١٦٢). وفي أيامنا بادت كل القصور التي كانت فيها وتحولت أرضها إلى بساتين. ولم يبق منها سوى قصر واحد يسكنه الحاكم وبعض الابنية الاخرى لأسرته. وتضم ايضا سجنا شيد على شكل كهف ، وسقفه عبارة عن عقد مستند على أعمدة عديدة ، وهو فسيح جدا حتى إنه يستوعب ثلاثة آلاف شخص. وليس فيه أية حجرة منفصلة أو سرية ، إذ ليس من المألوف في فاس وضع إنسان في حجرة انفرادية أي «زنزانة». ويخترق القصبة جدول لحاجات الحاكم ومتعته (١٦٣).
__________________
(١٥٩) أي فاس الجديدة.
(١٦٠) أي قصبة المرابطين.
(١٦١) بناها أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق المنصور سنة ١٢٧٦ م.
(١٦٢) وهو جامع ابن الجلود الحالي.
(١٦٣) كانت القصبة تشغل المكان الحالي لقصبة بوجلود ومدرسة مولاي إدريس وقسم من رياض بوجلود. واستنادا الى رواية دييجو دو طريش Diego de Torres لم يكن هناك أكثر من رمية سهم بين سورها وسور مدينة فاس الجديدة ، الذي لا تزال أطلاله باقية ، وأن فرع وادي فاس لا يزال يجتاز البساتين المذكورة.