يسجنون فيه المدنيين أو مرتكبي المخالفات الخفيفة القليلة الأهمية.
وفي فاس أربعة فقط من مفوضي شرطة ، ويقومون بدوريات بين منتصف الليل والساعة الثانية صباحا. ولا يتقاضى هؤلاء أي أجر سوى نتاج رسم يفرضونه على الأشخاص المقبوض عليهم ، وهو رسم محسوب على أساس مدة السجن وطبيعة العقاب المفروض عليهم. ولكن يستطيع هؤلاء المفوضون أن يديروا ماخورا ، وأن يمارسوا مهنة «التباغين» أو مهنة القوادين وحماة البغايا. هذا وليس لدى الحاكم قاض ولا كاتب ضبط ، بل يلفظ أحكامه بصوت عال كما يروق له.
ولا يوجد سوى موظف واحد يدير الجمرك ويجبي الرسوم التجارية ويؤدي ثلاثين دينارا في اليوم للخزينة الملكية. ويقوم هذا بوضع حراس وكتبة عند كل باب من أبواب المدينة ، ويتقاضى على كل السلع القليلة القيمة رسوما تجبى عند الأبواب ، أما السلع الأخرى فتساق إلى مكتب الجمرك مصحوبة بحارس. ويتقاضى الحراس والكتبة مرتبا يقدر بحسب مقادير البضائع. ويذهب هؤلاء الحراس أحيانا إلى خارج المدينة لملاقاة البغالة كيلا يعمد هؤلاء لتهريب بعض الأشياء من دفع الرسوم. وإذا أخفوا شيئا دفعوا ضريبة الجمرك مضاعفة. وتبلغ الرسوم العادية دينارين عن كل ما قيمته مائة دينار ، لكن فيما يتعلق بثمار الزعرور ، التي تجلب منها كميات كبيرة ، فيصل رسمها إلى ربع قيمتها. ولا يدفع أي رسم عن القمح والخشب والأبقار والدجاج. هذا كما لا يؤخذ شيء كرسم تجاري ، عند الأبواب ، عن الأغنام المجلوبة إلى فاس ، ولكن يدفع عن كل خروف ، في المسلخ ، رسما مقداره درهمان فضلا عن درهم واحد للحاكم (١٦٤) الذي هو رئيس الأمناء ، وكثيرا ما يتجول هذا الموظف في المدينة على ظهر جواده مخفورا باثني عشر من رجال الشرطة لمراقبة الخبز ووزن اللحوم وسائر ما يبيعه الجزارون. وإذا لم يجد الوزن المطلوب قام بتفتيته إلى قطع صغيرة ويلطم الخباز لكمة على قفاه تتركها متورمة موجعة ، وفي حالة تكرار المخالفة يجلد البائع على ملأ من الناس.
ويعهد الملك بهذه الوظيفة ، أي المحتسب ، للوجهاء الذين يرغبون فيها. وبعد أن كان يعهد بها في الماضي لرجال أكفاء من ذوي السمعة الطيبة ، أصبح الملوك في أيامنا يعهدون بها لأناس عاديين.
__________________
(١٦٤) أي المحتسب.