شعبراء العامية
هناك الكثير من الشعراء في فاس من الذين يقرضون الشعر باللغة العامية في مختلف الموضوعات ، ولا سيما في الحب. فبعضهم يصف الحب الذي يحسه تجاه النساء ، والآخرون يعبرون عن مشاعرهم تجاه الغلمان ويصرح الواحد منهم بدون أي خجل أو حياء باسم الغلام الذي يهواه.
وينظم هؤلاء شعرا بمناسبة عيد مولد محمد صلّى الله عليه وسلّم هو عبارة عن قصيدة في مدحه. ويدعى الشعراء في صبيحة ذلك العيد إلى ساحة رئيس الأمناء. ويصعدون فوق أريكة هذا الرئيس. ويأخذ كل واحد منهم في إلقاء قصيدته بحضور جمع غفير من الناس. وينادى بالشاعر ، الذي ترى لجنة التحكيم أنه الأفضل شعراء وإلقاء ، أميرا على الشعراء لذلك العام ، وينظر إليه على أنه أميرهم. وكان من عادة الذي يحكم فاس في أزهى أيام ملوك بني مرين أن يدعو لقصره العلماء وأهل الأدب في المدينة ، ويحتفل على شرف الشعراء الذين كانوا مجلين في هذه المناسبة ، فيلقي كل واحد منهم قصيدة في تمجيد الرسول بحضوره وأمام الجميع. وكان يقف المنشدون فوق مصطبة عالية. وفي نهاية الحفل ، واستنادا إلى حكم أشخاص من ذوي الخبرة ، كان يمنح الملك لأكثر الشعراء نبوغا مائة دينار ، وحصانا ، وأمة ، وكسوة ، ويعطي كل واحد من الآخرين خمسين دينارا فينصرف الجميع من عنده وقد حصل كل منهم على إجازة ومكافأة ، غير أن هذه العادة قد أنقرضت منذ مائة وثلاثين عاما بسبب إنحطاط هذه الأسرة (١٧٤).
مدارس الأطفال
يوجد قرابة مائتي مدرسة للأطفال الذين يرغبون في تعلم القراءة. وتحوي كل مدرسة قاعة كبيرة مع درجات تستخدم كمقاعد للأطفال. وهنا يعلمهم المعلم القراءة والكتابة ، وليس في كتاب معين ، بل بالاستعانة بألواح خشب كبيرة يكتب عليها التلاميذ. ويقتصر درس كل يوم على آية من القرآن. ويختم القرآن في سنتين أو ثلاث سنين ، ثم يستأنف ذلك ، عدة مرات ، إلى أن يجيد الطفل تعلمه بصورة متقنة جدا
__________________
(١٧٤) أي منذ العام ٨٠٠ ه / ١٣٩٨ م ، أي من عهد السلطان أبي سعيد عثمان.