ويحفظه عن ظهر قلب أو يدرك ذلك بعد انقضاء مدة سبع سنين. ومن ثم يعلم المعلم الأولاد قليلا من الخط.
بيد أن الخط والنحو يدرسان في معاهد خاصة وكذلك بقية العلوم ، وللمدرسين أجر زهيد ، ولكن حينما يصل الطفل إلى إجادة جزء لا بأس به من القرآن ، يجب على أبيه تقديم هدية معينة للمعلم. وحينما يختم الطفل حفظ القرآن يقوم الأب بصنع وليمة فخمة لكل التلامذة. وفي أثنائها يكسي الطفل وكأنه ابن أمير. ثم يذهب إليها على ظهر جواد أصيل مرتفع الثمن ، على صاحب قصر فاس أن يعيره إياه ويعيره اللباس كذلك. ويصطحبه بقية الأطفال على ظهور الجياد أيضا حتى قاعة السماط وهم ينشدون ألحانا في تمجيد الله والرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم. ثم تكون الوليمة التي يحضرها أصدقاء الوالد. ويقدم كل واحد منهم شيئا للمعلم ، كما يقدم الطفل المحتفى به كسوة جديدة لأستاذه. تلك هي العادة المألوفة. ولهؤلاء الأولاد عيدهم في يوم المولد. وعندها يلتزم الآباء بإهداء شمعة للمدرسة وكذلك يأتي كل طفل بشمعته. ويأتي بعض الأولاد بشمعة زنتها ثلاثون رطلا (١٧٥) والبعض أكثر من ذلك والبعض الآخر أقل. وتزدان هذه الشموع الجميلة والكثيرة التنميق بفواكه من شمع من أطرافها. وتوقد في بداية الفجر وتطفأ مع بزوغ الشمس. ومن عادة المعلم أن يستخدم بعض المطربين الذين ينشدون مدائح في الرسول الكريم. وما إن تشرق الشمس حتى ينتهي الاحتفال. وفي هذا موارد لمعلمي المدرسة. ففي بعض الأحيان يبيعون فعلا ما قيمته مائة دينار من الشمع ، وأحيانا أكثر من ذلك ، وذلك حسب عدد التلامذة. ولا يدفع هؤلاء أجرا عن هذه المدارس لأنها مؤسسة بالهبات التي أعطاها أصحاب الوصايا زكاة عن أرواحهم. أما فواكه هذه الشموع وأزهارها فتقدم هدايا للأولاد وللمنشدين.
ولهؤلاء الأطفال شأن طلاب المعاهد يومان في الأسبوع للراحة ، لا يكون في أثنائها تعليم ولا دراسة.
__________________
(١٧٥) ١٠ كيلو جرامات تقريبا.