لقبهم ، وكل ما أعرفه أنه عندما يموت أحد هؤلاء السبعين يخلفه أحد أولئك. وتقضي قاعدة هذا المذهب أن يكون كل من هذه الشخصيات مجهولا من سائر الناس ، تحت مظهر مجنون أو على شكل عاص كبير ، أو تحت مظهر «التباغ» (١٩٢). وتحت هذه الذريعة يهيم في أفريقيا العديد من الخداعين الفسقة ، عراة لدرجة يكشفون فيها عن سوءاتهم. وهم على درجة منحطة من عدم الحشمة ، وانعدام الاحترام الإنساني حتى إنهم يضاجعون النساء في الساحات العامة تماما كما تفعل البهائم. ومع هذا فهم يعتبرون أولياء لدى العوام. وهناك كمية كبيرة من هؤلاء الأسافل في تونس ، ولكنهم يتكاثرون بشدة في مصر ولا سيما في القاهرة. وقد رأيت في القاهرة ، بعيني رأسي ، في ساحة ما بين القصرين ، أحد هؤلاء الأفراد وهو ينقض على امرأة شابة غاية في الجمال عند خروجها من الحمام ، ويضجعها في وسط الساحة العامة ويواقعها. وبعد أن قضى وطره من هذه المرأة هرع كل الناس ليلمسوا ثيابها كما لو كانت قد أصبحت قديسة حينما مسها هذا القديس. وكان الناس يتناقلون فيما بينهم أن هذا الولي تظاهر بأنه يضاجعها ولكن ليس هناك شيء من ذلك. وعندما بلغ الزوج نبأ ذلك اعتبره علامة نعمة وبركة وشكر الله على ما أنعم وأقام وليمة بسرور بالغ تقديرا للنعمة التي حلت به. وقد أراد القضاة وعلماء الدين بكل حماس أن يعاقبوا هذا الخليع ، ولكنهم كادوا يتعرضون للقتل من العوام لأنه ، كما قلت ، يتمتع باحترام كبير بين الدهماء وينال هبات وهدايا ذات قيمة لا تقدر.
ولقد رأيت أشياء أخرى من هذا النوع أستحي من سردها.
الباطنيّون والمذاهب الأخرى
وهناك مذهب آخر يتبعه بعضهم من الذين يسمون بالباطنيين. فلهؤلاء صوم مستغرب ولا يأكلون لحم أي حيوان. ولهم أطعمة خاصة بهم ويلبسون ثيابا معينة في كل ساعة من النهار والليل. ويؤدون صلوات فريدة حسب الأيام والأشهر ، وصلوات قائمة على نظام عددي. ومن عادتهم حمل تمائم ملونة ، مع حروف وأرقام منقوشة بداخلها. ويقولون إن أرواحا تتجلى لهم بعد ذلك ، وهي أرواح نافعة تخاطبهم وتمنحهم معرفة شمولية عن أمور هذا الكون. وقد كان من بين هؤلاء الباطنيين عالم لامع يدعى محيي
__________________
(١٩٢) لهذه الكلمة هنا معنى «رجل يمارس مهنة شنيعة أخلاقيا». (انظر كذلك تعليق رقم ١٥٨).