المشعوذون وسحرة الأفاعي
وأخيرا يوجد في فاس كمية من هؤلاء الحثالة من الناس الذين يطلق عليهم فى إيطاليا تسمية شيورماتوري ، أو المشعوذين. وهؤلاء الرجال هم أناس لا قيمة لهم ، ينشدون قصائد في الحدائق العامة ، وأغاني وترهات أخرى وهم يلعبون بالدفوف والرباب والعود وبآلات أخرى ، ويبيعون للجمهور الجاهل أوراقا صغيرة كتب عليها كلمات ووصفات ضد مختلف الأوجاع ، كما يزعمون.
ويضاف إلى هؤلاء المشعوذين نوع آخر هو أكثر الجميع خسة ، وكلهم من نفس الزمرة ، والذين يتجولون في المدينة ويعملون على ترقيص القردة ، ويحملون أفاعي حول عنقهم وفي أيديهم. هذا كما يقومون أيضا ببعض أشكال من ضرب الرمل ويقولون للنساء معلومات عن المستقبل. وأخيرا يجرون خلفهم بعض الفحول من الخيل لسفاد الأفراس التي تجلب إليهم مقابل أجر.
وفي مقدوري الآن متابعة هذا العرض المفصل للخصائص التي يتميز بها أهل فاس. ولكن يكفي أن أقول إنهم ، في معظمهم ، مكروهين لا يحبون الغرباء ، مع أن فاس لا تضم عددا كبيرا من الغرباء لأن هذه المدينة تقع على مسافة مائة ميل من البحر المتوسط ، كما لا توجد بين فاس والبحر سوى طريق رديئة عسيرة المسلك بالنسبة للغرباء.
وسأقول أيضا إن أفرادها متعجرفون جدا ، ويصل هذا إلى حد يجعل الذين يقصدونهم قلة من الناس وهناك أيضا علماء وقضاة لا يحبون ، نظرا لشهرتهم ، أن تكون لهم علاقات إلا مع بعض الأشخاص فقط.
والخلاصة ، ومهما كان الأمر ، فإن فاس مدينة جميلة ، هادئة وجيدة التنسيق.
وفي خلال الشتاء يكثر الوحل في فاس حتى ليضطر الإنسان أن يتجول في المدينة وهو لابسأ القبقاب المعهود في هذه البلاد. لكن توجد فوق قنوات الماء قساطل تسمح بشطف كل الشوارع ، وحينما لا تكون هناك مواسير للماء يجمع الوحل وينقل على ظهور الحمير ثم يرمى به في النهر.