أرباض المدينة الخارجية
يقوم في خارج فاس من ناحية الغرب ، ربض يضم حوالي خمسمائة أسرة ، ولكن كل بيوته قبيحة. وهنا يقطن فقراء الناس ، كالعكامين والسقائين وحطابي القصر الملكي. بيد أن هذا الربض يضم العديد من الدكاكين وكل فئات الصناع. كما يقطن فيه كل المشعوذين والموسيقيين من الطبقة الدنيا. ويقيم فيه بنات الهوى الكثيرات العدد وهن قبيحات وخسيسات. وتظهر في الشارع. الرئيسي من هذا الربض الحفر العديدة المنقورة بالأزميل لأن أرضه من صخر كلسي. وكان قمح أمراء فارس في الماضي يحفظ في هذه الجباب ، ولم يكن الربض مأهولا في تلك الفترة ، بل كان لهم فيه حراس لحراسة حبوبهم. وما أن اندلعت الحروب حتى أصبحت الحبوب عرضة لنهب العدو ، وشيدت صوامع في فاس الجديدة وأهملت الصوامع التي كانت واقعة في خارج المدينة. ولبعض هذه الصوامع حجم مدهش ويتسع أصغرها لألف كيل من الحب. ونجد هنا مائة وخمسين جبا لخزن القمح ، وكلها مفتوحة الآن. وبما أنه يحدث أن يقع بعض الأشخاص في هذه الجباب ، فقد أحيطت فوهاتها بجدار صغير. وعند ما يريد حاكم فاس تنفيذ حكم إعدام سري فإنه يقذف بجثة المحكوم في أحد هذه الجباب. ولهذا الغرض يوجد في القصبة باب خاص يؤدي إلى هذا المكان. وتقوم في هذا الربض أمكنة لعب الميسر ، ولكن لا يلعب المقامرون فيها بغير النرد ، وهنا يمكن أيضا بيع الخمر ، وإقامة حانة ، أو بيت للدعارة. وهكذا يمكن القول بأن هذا الربض هو ملتقى كل أوضار المدينة. ولا يمكن رؤية أي شخص كان في الدكاكين بعد الساعة العشرين مساء (٢٠٣).
هذا ويوجد أيضا ربض آخر يسكنه المجذومون ويضم قرابة مائتي بيت ، ولهؤلاء المجذومين إمامهم ورئيسهم الذي يجمع عائدات بضعة عقارات موقوفة على المجذومين في سبيل الله حبسها عليهم بعض الأشراف وأشخاص آخرون. وتتوافر لهؤلاء المرضى كل الضروريات بحيث لا يحتاجون إلى شيء. ووظيفة أئمة المجذومين تتمثل في تخليص
__________________
(٢٠٣) كان هذا الربض يسمى المرسى ، ومعناها الأرض المحفورة بالجباب. ويوضح مارمول أن جباب القمح هذه كانت فوق ساحة تجاه باب الغدر. ونعرف أن معظم القصبات كان لها باب يحمل هذا الاسم. ويضيف مارمول أن البيوت كانت على ضفة النهر ذاتها ، حتى أن الأولاد الشريرين الذين كانت الشرطة تطاردهم كانوا يلقون بأنفسهم في النهر ويهربون باتجاه بساتين الضفة الأخرى.