ويضعون فوق رءوسهم عمامات سوداء. أما الذين يريدون أن يلبسوا قلنسوات فعليهم أن يخيطوا فوقها قطعة من قماش أحمر. وتبلغ جزية يهود فاس أربعمائة دينار شهريا لمصلحة الخزينة الملكية.
وقد تزودت فاس الجديدة خلال مائتين وأربعين سنة من تأسيسها بأسوار قوية وبقصور وجوامع ومدارس وبجميع التحسينات التي يمكن أن تتوافر في مدينة ما. وأظن أنه أنفق على هذه التجميلات مبلغ أكبر من ذلك الذي كلفه بناء الأسوار التي تحيط بها.
وقد أقيمت على النهر في خارج المدينة نواعير كبيرة تستمد الماء من النهر وتسوقه من فوق السور حيث بنيت قنوات تدفع بالماء إلى القصور والحدائق والجوامع. وقد صنعت هذه النواعير في عصرنا أي منذ مائة عام تقريبا. أما في الماضي فكان الماء يأتي إلى المدينة بواسطة قناة تأتي من مسافة عشرة أميال (٢٣١). وكانت القناة تمر من فوق حنايا متقنة البناء جدا. ويقال إن هذه القناة قد بنيت حسب مخططات معلم جنوي ، وهو تاجر ، وكان مقربا كثيرا من الملك في ذلك الوقت. أما النواعير فقد صنعها إسباني. وهي في الحق شيء عجيب ، لا سيما تلك الخاصة ، وهي أنه مهما بلغت قوة تيار الماء فهي لا تدور أبدا أكثر من أربع وعشرين دورة في يوم وليلة.
بقي علي أن أقول إنه لا يسكن في فاس الجديدة سوى قلة من الأشراف ، فيما عدا أقارب الملك وبعض أهل البلاط. ويتألف كل الباقين من الدهماء الذين يمارسون الخدمات الدنيئة. ويعود هذا إلى الناس ذوي السمعة الطيبة والنوعية الجيدة يأنفون من العمل في وظائف الحاشية الملكية ، حتى أنهم لا يرتضون تزويج بناتهم من العاملين في البلاط.
نمط الحياة المألوف في بلاط ملك فاس
لا نجد بين ملوك أفريقيا من نودي به ملكا أو أميرا عن طريق انتخاب الشعب ، ولا من سبق له أن استدعي من قبل الشعب من إقليم أو مدينة ولا يمكن لأي حاكم زمني ، باستثناء الخليفة ، أن يدعي بأنه حاكم شرعي استنادا إلى شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم. ولكن بعد أن ضعفت الخلافة ؛ أخذ كل رؤساء القبائل التي كانت تعيش في الصحاري تحتل البلاد
__________________
(٢٣١) من عين عميار ، وهو نبع يقع جنوبي فاس.