حوالي خمسين قرية وقصرا. وسكانه على درجة كبيرة من الرخاء لأن هذا الجبل يقع بين مدينتين كبيرتين ، أي فاس من الشرق ومكناس من الغرب.
وتنسج النسوة فيه أقمشة صوفية مصنوعة حسب طراز البلاد ، ويتجولن وهن بأبهى زينة من الخواتم والأساور الفضية. ويتصف الرجال بمتانة البنية والجسارة. ويعهد إلى هؤلاء بصيد الأسود في الغابات لتقديمها إلى ملك فاس. وينظم هذا الملك مسرحا لصراع الأسود في داخل قصبته في ساحة واسعة. وتصف في هذا القاعة عدة صناديق كبيرة يتسع داخل كل صندوق منها لرجل يقف فيه ويتحرك بسهولة. ولكل صندوق باب صغير. ويجلس في كل صندوق رجل مسلح. وعندئذ يطلق الأسد حرا في الباحة ، ويقوم أحد هؤلاء الرجال بفتح باب الصندوق ، فيجري الأسد حالا نحوه وعند ما يصل الأسد لمسافة قريبة جدا منه يغلق على نفسه الباب. ويعمل كل واحد من الرجال نفس الشيء على التوالي إلى أن يصبح الأسد بحالة ثوران عنيف. ثم يدخل ثور إلى الساحة وتنشب معركة دامية حينئذ بين الحيوانين. فإذا قتل الثور الأسد فإن المشهد ينتهي عند ذلك في هذا اليوم. ولكن إذا قتل الأسد الثور فحينئذ يخرج الرجال المسلحون من صناديقهم لمبارزة الأسد. ويصل عددهم إلى اثني عشر رجلا يحملون بأيديهم حرابا تنتهي بنصل حديد طوله ذراع ونصف ذراع (٢٥٦) ، وإذا أظهر الرجال تفوقا على الاسد يختصر الملك عددهم. وإذا أظهر الأسد تفوقا على الرجال عمد الملك وأتباعه إلى قتله براشقات سهامهم وهم يسددون إليه من أعلى شرفاتهم حيث يمكن مشاهدة المنظر ويحدث في أكثر الحالات أن يقتل الأسد أحد المصارعين ويجرح الآخرين قبل أن يموت. وتبلغ الجائزة التي يمنحها الملك عشرة دنانير لكل مبارز فضلا عن كسوة جديدة. وهؤلاء الرجال هم من أهل جبل زلاغ ، وهم غاية في الشجاعة ، بينما يكون قناصو الأسود في البوادي من أهل جبل زرهون.
وليلى : مدينة في جبل زرهون
وليلى (٢٥٧) مدينة أنشئت فوق قمة هذا الجبل على يد الرومان في الزمن الذي كانوا
__________________
(٢٥٦) ٣٥ ، ١ م.
(٢٥٧) شكل قديم لاسم وليلة ، واسمها الحالي مولاي إدريس.