يحكمون فيه بلاد غرناطة الأندلسية. وهي محاطة برمتها بسور مبني بحجارة كبيرة منحوتة مع أبواب عالية عريضة. وتحيط بحوالي ستة أميال من الأرض (٢٥٨). ولكن هذه المدينة تخربت برمتها تقريبا على أيدي الأفارقة في العصور الغابرة. والحقيقة هي أنه عندما قدم إدريس الشيعي إلى هذه المنطقة (٢٥٩) بدأ فورا بترميم هذه المدينة وسكنها حتى لقد أصبحت بعد قليل من الوقت مدينة متحضرة يقصدها الناس كثيرا. ولكن بعد موت إدريس (٢٦٠) هجرها ابنه وراح يبني مدينة فاس كما سبق أن ذكرنا. ولكن مع هذا دفن فيها إدريس (٢٦١) ، وضريحه موضع تبجيل من جميع قبائل موريتانيا تقريبا التي تتردد على زيارته. لأن هذا الرجل لم يكن أقل من خليفة ولأنه ينحدر من سلالة محمد صلّى الله عليه وسلّم. أما اليوم فلم يبق في المدينة سوى بيتين أو ثلاثة تستخدم مسكنا لأولئك الذين يقومون بخدمة الضريح والتكريم الذي يستحق. والأرض حول المدينة مزروعة بصورة متقنة تماما ، إذ تقوم هنا بساتين بديعة ومزارع مزدهرة ، لأن هناك جدولين يستمدان منبعهما من داخل المدينة وينحدران بين تلال صغيرة في شعاب تقع فيها هذه المزارع.
قصر فرعون
قصر فرعون (٢٦٢) مدينة صغيرة قديمة أسسها الرومان على مسافة تقل قليلا عن ثمانية أميال (٢٦٣). ويؤمن سكان زرهون بعمق إلى جانب بضعة مؤرخين أن فرعون ، عزيز مصر في عصر موسى ، هو الذي بنى هذه المدينة ومنحها اسمه. وهذا لا يبدو صحيحا
__________________
(٢٥٨) هذا الرقم مبالغ فيه كثيرا.
(٢٥٩) أوائل أيام شهر ربيع الأول ١٧٢ ه الذي يبدأ في ٩ أيلول (سبتمبر) ٧٨٨ م.
(٢٦٠) سنة ٧٩١ م.
(٢٦١) المقصود هو إدريس بن عبد الله. ولكن يجب مع هذا أن نذكر أن نصا قديما يوضح أن ابنه ، أي إدريس ابن إدريس ، قد توفي في وليلى بتاريخ ٢٨ آب (أغسطس) ٨٢٨ م وعمره ٢٨ عاما ودفن في مقبرة المدينة بجوار ضريح والده.
وهناك نص آخر يؤكد أنه توفي في فاس ودفن في جامعها ، وهو جامع الشرفاء. ولكن نلاحظ أن المؤلف عند وصفه مدينة فاس ، لم يشر إلى ذلك. وقد تلاشى قبر إدريس هذا بالفعل منذ زمن طويلى إلى أن تم ترميم هذا الجامع في ١٣٤٨ م فاكتشف قبر شخص مجهول. وقد أعلنت السلطات الحاكمة حينذاك بأنه ضريح إدريس بن إدريس. وسكوت المؤلف المطلق يدل على أنه لا يعتقد بصحة شخصية هذا القبر ، أو أنه على الأقل لم يكن له حينذاك نفس الإجلال العميق الذي يتمتع به في أيامنا.
(٢٦٢) يدعى قصر فرعون حاليا فولوبيليس VOLUBILIS وهو بذلك قد استرد اسمه الروماني القديم.
(٢٦٣) صوابه ميلان اثنان.