يطل على فاس (٢٦٦) وتتبع هذه البلدة كورة طيبة في الجبل ، مغروسة كلها بأشجار الزيتون وكذلك كورة بديعة في السهل حيث نجد العديد من العيون الغزيرة. ويجنى من هذا السهل الكثير من القنب والكتان.
قصر الحياء (فرجوني Vergogne)
هذا القصر قديم جدا. وقد بني عند سفح جبل على الطريق الرئيسي بين فاس ومكناس. وقد سمي قصر الحياء لأن سكانه كانوا غاية في الشح ، كما هي العادة في كل البلدان الواقعة على طريق المسافرين. ويروى أن ملكا مر بها ذات يوم ، فدعاه أهل القصر لتناول الغذاء. فقبل الملك الدعوة. فذبحوا له بضعة خراف وملأوا الأوعية والقرب بالحليب حسب عادة البلاد كي يتناول الملك منه صباحا وجبة خفيفة. ولما كانت القرب كبيرة خطر ببال كل واحد منهم بأنه لو ملأ الواحدة منها نصفها ماء لما شعر به أحد ، وهذا ما صنعوه بالفعل. ولما أراد الملك متابعة سفره صباحا لم تكن عنده أية شهية في تناول الإفطار ولكن حاشيته ألحوا عليه في ذلك. ولما أفرغوا القرب وجدوا أن الحليب ممزوج بالماء ، ولما نمي إليه الخبر استغرق في الضحك قائلا : «يجب أن تعرفوا ، يا أصدقائي ، أن الغرائز الطبيعية لا يمكن أن تتلاشى» وخرج منها.
ويزرع عرب فقراء أراضي هذه البقعة (٢٦٧).
بني واريتين
وهي كورة تقع على مسافة ثمانية عشر ميلا إلى الشرق من فاس. وتتألف في جملتها من تلال مع أراض زراعية ممتازة ، وتنتج مقادير كبيرة من القمح ، وأريافها جميلة للغاية ،
__________________
(٢٦٦) تدل النصوص القديمة على أن مغيلة كانت تقع على طريق فاس ـ مكناس ، أي في السهل. وظل اسم مغيلة يعني نشزا صغيرا يشرف على وادي مغيلة ، ويقع على مسافة ١٦٠ كم غرب مفترق طريقي فاس ـ مكناس وطريق فاس ـ المحمدية (بور ليوتي سابقا) وعلى مسافة ٤٢ كم جنوب الطريق الأخير.
(٢٦٧) لا يزال اسم وموقع هذا المكان بحاجة إلى التحديد. ومع هذا يمكننا أن نلاحظ أنه على مسافة ٦ كم جنوب غرب مغيلة وشمال الطريق الذاهب من فاس إلى مكناس توجد أرض تحمل اسم بلاد المحية ، وهو اسم عشيرة معروفة ، توجد أهم جماعة منها في ضواحي وجدة في شرق المملكة المغربية. ومن الممكن أن يكون شبه هذا اللفظ بالكلمة العربية «المحيي» قد ساعد على تحريف هذا الاسم.