الجمعة : مدينة من أزغار
الجمعة مدينة صغيرة بناها الأفارقة في زمننا فوق نهر صغير ، في سهل ، في نهاية هذا الإقليم أو المنطقة ويمر بها المسافر الذاهب من فاس إلى الأعراش. وتقع على مسافة ثلاثين ميلا من فاس. وقد كانت هذه المدينة كثيرة السكان متحضرة ، ولكن حرب سعيد ، الذي كثيرا ما تكلمنا عنه ، خربتها. ولا نجد فيها اليوم سوى صوامع يخزن فيها العرب المجاورون غلالهم ، ويقيمون إلى القرب منها بضع خيام لحراستها. وتظهر في خارجها طواحين لطحن الحبوب (٢٨٢).
مدينة العرائش
العرائش (٢٨٣) مدينة أسسها قدامى الأفارقة على ضفة المحيط في المكان الذي يصب فيه نهر لقّس في البحر. ويقع قسم منها على ضفة النهر والجزء الأخر على ساحل المحيط.
وفي الزمن الذي كانت فيه مدينتا أصيلا وطنجة تابعتين للمسلمين ، كانت هذه المدينة كثيرة السكان. ولكن بعد سقوط هاتين المدينتين في أيدي النصارى (٢٨٤) ظلت مهجورة حتى قرابة عشرين عاما من أيامنا هذه (٢٨٥). وفي هذه الفترة قرر أبن ملك فاس الحالي إعادة تعميرها ، وحصنها بشكل حسن للغاية ، ووضع فيها حامية مقيمة زودها بالأقوات لأنه كان يرتاب دوما في البرتغاليين (٢٨٦). ولهذه المدينة ميناء يصعب جدا الوصول
__________________
(٢٨٢) يسمى مارمول هذا الموقع جمعة الكروش ، أي سوق جمعة البلوط الجلو. ويقول إن يعقوب ، ملك بني مرين هو مؤسسها. ويحدد مكانها على نهر الورغة في أراضي عرب بني مالك سفيان ، ويقوم سوق جمعة بني مالك على الضفة اليمنى لنهر الورغة. وتقع على مسافة ٥٠ ميلا أو ٨٠ كم من فاس. ومن المحتمل أنه يقصد هذه البليدة. وهي تنطبق على سوق جمعة تافرتاست ، حيث دفن بعض أمراء بني مرين ، وخاصة أبو محمد عبد الحق بن مايو وولده أبو العلاء ، اللذين قتلا بتاريخ ٢٤ أيلول (سبتمبر) ١٢١٧ م في معركة ايجرهان ضد عرب رياح. وفي ١٢٨٥ م قام أول سلطان مريني وهو أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق ، وذلك قبيل وفاته ، ببناء زاوية فيها ، وبعد ١٣٣١ م قام سادس سلطان مريني وهو أبو الحسن علي بترميم الأضرحة.
(٢٨٣) العرائش أو الدوالي.
(٢٨٤) أي في آب (أغسطس) ١٤٧١ م.
(٢٨٥) أي حتى حوالي العام ١٥٠٦ م. غير أن هذا الميناء كان يؤوي حامية وكان ملجأ للقراصنة. وفي ١٤ تموز (يونيو) ١٥٠٤ م قام البرتغاليون بغارة مفاجئة جريئة ضد العرايش.
(٢٨٦) بسبب تلك الغارة بلا شك.