النهر. وأخذ القبطان البرتغالي ببناء حصن في الجزيرة زاعما أن بإمكانه الدفاع عنه واحتلال كل المنطقة المجاورة. وقد توقّع ملك فاس (٣١٦) ، وهو والد الملك الحالي ، توقّع الخطر الذي سيتعرض له بسهولة لو تركه يتم بناء الحصن. فأرسل قوات كبيرة لمنع البرتغاليين من انجاز مشروعهم. ولكن قواته لم تتمكن من الاقتراب أكثر من ميلين من الجزيرة بسبب الرمي المتواصل من المدفعية البرتغالية العديدة والرهيبة. وهكذا أصبح الملك في نهاية القنوط. ولكنه عمد بناء على نصيحة بعض الأشخاص لبناء تحصينات من الخشب في وسط النهر على مسافة ميلين تقريبا في سافلة الجزيرة أي باتجاه البحر. واقتطعت أخشاب الغابة المجاورة تحت حماية هذه التحصينات ، وبعد وقت قليل جدا ، رأى البرتغاليون أن مدخل النهر قد أصبح مسدودا بجذوع خشب ضخمة حتى إنه لم يعد في استطاعتهم الخروج إلى عرض البحر مع أسطولهم. وفكر الملك ، الذي رأى النصر المؤكد قد أصبح في يده ، أن يباشر المعركة ، ثم تراءى له أنه سيخسر أرواح عدد ضخم من بني قومه ، لأن هذا النصر قد يكلفه خسائر ضخمة. فدخل في مفاوضات مع قائد الأسطول وتم الاتفاق على أن يدفع هذا غرامة حربية وان يتدخل لدى ملك البرتغال كي يرد إليه بنات قائد ملك فاس اللواتي يحتفظ بهن في السجن في عاصمته. وعلى هذه الشروط انسحب القبطان البرتغالي مع قواته دون أن يمسه أي إزعاج كان. وبعد ذلك عاد الأسطول إلى البرتغال (٣١٧).
بصرة
بصرة مدينة تمتد على رقعة صغيرة وتحوي قرابة الفي أسرة. وقد بنيت في سهل ، بين تلّين ، على يد محمد ، إبن ادريس الثاني ، مؤسس فاس ، على مسافة ثمانين ميلا من فاس جنوب القصر (٣١٨). وقد سميت «البصرة» تخليدا للبصرة وهي مدينة في بلاد العرب
__________________
(٣١٦) وهو محمد الشيخ.
(٣١٧) لقد وقّعت هذه المعاهدة بتاريخ ٢٧ آب (أغسطس) ١٤٨٩ م في تشميش. ومن المحتمل أن تكون المدينة القديمة المهجورة والتي يحددها المؤلف في الجزيرة هي ، في الحقيقة ، تشميش ، والتي لا تزال أطلالها قائمة بجوار الجزيرة على ضفة نهر لقّس اليمنى. وتشميش هي تحريف بربري لكلمة شمس أي شمس باللغة البونية (اللغة الفينيقية القرطاجنية) ، والتي يعثر عليها فوق النقود التي تحمل الدمغة البونية ، وكذلك مقوم شمش ، أي مدينة الشمس ، والتي كانت لقب مدينة ليكسوس الشهيرة ، التي رسمت في نقود أخرى باسم ليكس Liks في اللغة البونية وليكس Lixs في اللاتينية.
(٣١٨) لا تزال بصرة ماثلة شمال طريق وزّان ، وعلى مسافة ٢٠ كم جنوبي القصر. وقد شيّدت المدينة بجهود محمد ، الولد البكر ، لإدريس بن ادريس سنة ٢١٨ ه أو ٨٣٣ م.