السعيدة ، حيث قتل علىّ ، رابع خليفة ، وهو الجد الأعلى لإدريس (٣١٩). وقد كانت هذه المدينة مجهزة بأسوار عالية وجميلة. وكانت متحضرّة جدا وآمنة طيلة حكم الأسرة الإدريسية. وكان من عادة الأدارسة أن يجعلوا منها مقرهم الصيفي لأن ضواحيها جميلة جدا سواء في الجبل أو في السهل. وكان فيها ، في الماضي ، الكثير من مزارع الأشجار المثمرة وحقولها ممتازة لزراعة القمح ، وقريبة من المدينة. ويخترق نهر لقّس سهولها. وكانت البصرة مأهولة كثيرا بالسكان ، وكان بها مساجد ، وكان سكانها أناسا محترمين. ولكن على أثر انحطاط الأدارسة قام أعداؤهم بتخريب المدينة وبتقويض بنيانها. ولم يبق منها قائما غير الأسوار. ولا يزال باقيا منها بعض مزارع الأشجار التي أصبحت أشجارها بريّة شعثاء لا تنتج ثمارا لأن الأرض غير مهيأة للزراعة.
الحمر
الحمر مدينة بناها المدعو عليّ بن محمد الذي تكلمنا عنه قبل قليل (٣٢٠) وتقع على نهر صغير (٣٢١) على مسافة أربعة عشر ميلا (٣٢٢) من العرايش وعلى مسافة ستة أميال (٣٢٣) جنوب أصيلا. ولم تكن قط مدينة كبيرة ، ولكنها كانت جميلة وحصينة وكانت الأرياف فيما حولها فاخرة ، ولكنها عبارة عن اراض ممتازة سهلية. وكانت محاطة بالعديد من مزارع الأشجار المثمرة وبالكروم التي كانت تنتج كثيرا من لذيذ الثمار. وكان اغلبية سكانها يشتغلون بمهنة نسج الكتان ، لانهم كانوا يجنون الكثير من الكتان. واصبحت المدينة خاوية منذ ان سقطت «اصيلا» بأيدي البرتغاليين (٣٢٤).
__________________
(٣١٩) لا تقع البصرة الحالية في بلاد العرب السعيدة ، أي في اليمن ، ولكن في العراق. وقد اغتيل أبو الحسن علي بن أبي طالب ، رابع خليفة ، في الكوفة في العراق على أيدي ثلاثة متآمرين من الخوارج في يوم الجمعة صبيحة ١٥ رمضان سنة ٣٢٠ ه أو ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٦٦١ م وتوفي في ١٧ رمضان الأحد ٢٤ كانون الثاني (يناير). وكان الامام علي ، وهو ابن عم الرسول وصهره ، جد ادريس الثاني في الجيل الخامس ، وعلى هذا يكون نسبه : ادريس بن ادريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي.
(٣٢٠) علي بن محمد بن ادريس ، وحكم بين ٨٣٨ و ٨٤٨ م.
(٣٢١) الحمر معناها العصفور الدوري ، وكانت تقع على وادي الريحان ، حسب نص مارمول ، وهو وادي الحمر الحالي.
(٣٢٢) ٥ ، ٢٢ كم.
(٣٢٣) أي ٨ كم.
(٣٢٤) بتاريخ ٢٤ آب (أغسطس) ١٤٧١ م.