أسوار تطوان وشيّد فيها قلعة حصينة للغاية وأحاطها بخندق وهو نفس ما فعله حول سور المدينة. وكان عليه بعد ذلك أن يناجز البرتغاليين. فكان يفلح أحيانا في إلحاق الأذى الشديد بسبتة والقصر الصغير وطنجة. وكان تحت تصرفه على الدوام ثلاثمائة فارس ، وكلهم من الغرناطيين ومن نخبة أهل غرناطة. واستطاع بهذا الجيش أن يغزو كل أنحاء المنطقة وأن يأسر العديد من النصارى الذين كان يحتفظ بهم أسرى ينهك قواهم في أشغال التحصينات. ولقد رأيت في إحدى المرات التي ذهبت فيها إلى هذه المدينة ثلاثة آلاف من الرقيق النصارى ، وكانوا يلبسون جميعا سترة من الصوف ، وينامون ليلا ، مقيدين بالاصفاد ، في قعز سراديب تحت الأرض. وكان هذا الرجل غاية في الكرم ، حتى إنه كان يستضيف أي غريب يمر في مدينته. وقد توفي منذ عهد قريب بعد أن فقد بصره ، لأنه فقد إحدى عينيه بطعنة خنجر ، وفقدت العين الأخرى بصرها في شيخوخته. وآلت المدينة الآن لأحد أحفاده وهو رجل يتصف بشدة بسالته.
جبال الهبط
يوجد في إقليم الهبط ثماني جبال شهيرة اكثر من سواها. وهي مأهولة برجال غمارة (٣٧٠) ، ولسائر هؤلاء الناس تقريبا نفس نمط الحياة ، وحتى نفس الأخلاق ، لأنهم مع انتسابهم جميعا لدين الإسلام فهم يشربون الخمر على خلاف تعاليم الدين. وهم رجال أشدّاء ، جلودون على تحمل التعب والارهاق ، ولكنهم ليسوا حسنى الهندام. ويخضعون لملك فاس ، ويدفعون له ضرائب باهظة ومن أجل ذلك لا يتاح لهم أن يلبسوا ملابس لائقة ، ما خلا بعضهم كما سنذكر ذلك على حدة.
جبل رهونة
جبل رهونة هو جبل مجاور لبلدة آزجن (٣٧١) وطوله ثلاثون ميلا (٣٧٢) وعرضه اثنا عشر
__________________
(٣٧٠) والحقيقة تؤلف قبائل هذه المنطقة خليطا من أصول مختلفة : مصمودة ، صنهاجة ، كتامة ، هوارة ، غمارة .. الخ. وتدمج جميعا تحت إسم جبالة ، أي الجبليين ، تمييزا لهم عن غمارة بالمعنى الدقيق.
(٣٧١) لا تزال قبيلة رهونة دوما حيث هي على ضفة نهر لقّس اليسرى شمالي آزجن.
(٣٧٢) ٤٨ كم.