ودراس
ودراس جبل عال بين سبتة وتطوان (٣٩٤) ويسكنه قوم من ذوي الجرأة البالغة وقد قدّموا على إقدامهم وجرأتهم براهين ساطعة في أثناء الحروب التي وقعت بين ملوك غرناطة وملوك أسبانيا. ومن عادة هؤلاء الجبليين الذهاب إلى غرناطة متطوعين ، وهم على قلتهم يعدلون من حيث القيمة جميع الجنود النظاميين لهؤلاء الملوك. وإلى هذا الجبل يعود أهل المدعو هلّول الذي خاض معارك ضارية ضد الأسبان. ويتداول الناس في افريقيا وفي غرناطة قصصا شعبية ، بعضها في عبارات نثرية وبعضها في قصائد شعرية ، تمجّد بطولات هذا الرجل المقدام ، كما نجد في إيطاليا قصصا عن بطولات رولاند (٣٩٥). وقد قتل هلّول في حرب أسبانيا عندما انهزم يوسف الناصر قرب قصر في قطالونيا يسميه المسلمون قصر العقاب (بضم العين). وقد قتل في هذه المعركة عشرة آلاف محارب بين صفوف المسلمين ولم ينج سوى الملك مع قلة من اتباعه. وقد حدث هذا عام ٦٠٩ للهجرة ، الذي يقابل عام ١١٦٠ من الميلاد (٣٩٦). وبعد هذه الهزيمة الاسلامية راح النصارى يحققون الانتصارات في أسبانيا ، فاستردوا كل المدن التي كانت بأيدي المسلمين. وقد مضى بين الهزيمة المذكورة وبين سقوط غرناطة بيد ملك أسبانيا مدة مائتين وخمسة وثمانين عاما تقريبا (٣٩٧).
جبل بني واغرفت
ويقع هذا الجبل على مقربة من تطوان وهو كثير السكان ، ولكنه ليس متسعا. وسكانه رجال بواسل تكثر فيهم المناقب الطيبة. وهم تحت سلطة قائد تطوان الذي
__________________
(٣٩٤) تبلغ أعلى قمة في كتلة ورداس ارتفاعا قدره ٦٩٠ م.
(٣٩٥) احد جنود شارلمان البواسل.
(٣٩٦) حدث ذلك يوم الاثنين ٢ صفر ٦٠٩ ه / ١٦ تموز (يونية) ١٢١٢ م ، عندما هاجم الجيش النصراني بقيادة ملوك قشتالة وآراجون ونافار جيش المسلمين فوق هضبة لاس نافاس دو تولوشة ، في جبال سييرا مورينا ، في إقليم جيّان ، وكان جيش المسلمين بقيادة الخليفة الموحدي أبو يوسف محمد الناصر الذي كان معسكرا أمام حصن العقاب. وقد أبيد الجيش الإسلامي برمته.
(٣٩٧) في الحقيقة ٢٨٨ سنة هجرية ، لأن دخول الملكين الكاثوليكيين فرديناند وايزابللا إلى غرناطة ، كان يوم الاثنين الأول من شهر ربيع الأول ٨٩٧ ه / ٢٠ كانون الثاني (يناير) ١٤٩٢ م.