ويستمد من كل هذه الثمرات والصنائع المال الضروري لدفع هذا المبلغ للقائد الذي ينوب عنه باستمرار مفوضون ووكلاء يرهقون هؤلاء الجبليين ويمتصونهم امتصاصا (٤٦٠).
وفي هذا الجبل من القرى والمداشر ما لا يكاد يحصره عد ، وتضم بعض هذه القرى مائة أسرة ويضم بعضها مائتين. ويمكن تقدير عدد هذه التجمعات السكانية بحوالي مائة وعشرين ما بين قرية ومدشر. والسكان بحالة حرب مستمرة مع جيرانهم ، ويسقط الكثير من القتلى. ويطلب الملك دية القتلى من الطرفين ، بحيث تشكل هذه الحروب موارد للملك. وفي هذا الجبل مدينة صغيرة راقية جدا تحوي الكثير من الصناع ، وهي محاطة بكثير من مزارع الكروم والسفرجل والليمون ومنها تحمل الفواكه إلى فاس. ويصنع في هذه المدينة كمية كبيرة من نسيج الكتان. وفيها قضاة ومحامون لأنه عندما ينعقد السوق يأتي الكثير من أهل الجبال المجاورة ليجتمعوا فيه (ويحدث بيهم من النزاع ما يقتضي وجود قضاة ومحامين).
وفي هذا الجبل تجويف في قعر واد يشبه كهف ينبعث مه باستمرار لهب كبير. ولاحظت ان الكثير من الغرباء يقصدون هذا الوادي لرؤية هذه النار. ويرمون فيها أغصانا وقطعا من أخشاب سرعان ما تلتهما النار على الفور. وهذا أكثر الأشياء عجبا من التي رأيتها بين الظواهر الطبيعية. ويعتقد البعض أن هذه الفتحة هي فوهة الجحيم (٤٦١).
جبل بني ورياغل
يتاخم هذا الجبل الجبل السابق ولكن سكان هذين الجبلين في عداء مستحكم ويظهر عند حضيض هذا الجبل سهل جميل للغاية يتاخم أراضي فاس ويجري نهر الورغة مخترقا هذا السهل. ويحصل من هذا الجبل كمية كبيرة من الزيت ومن القمح ومن الكتان. ويصنع فيه الكثير من قماش الكتان. ولكن كان للملك دائما حق وضع
__________________
(٤٦٠) في الأصل يقتلعون عيونهم.
(٤٦١) لم تترك المدينة التي يقصدها المؤلف ولا انبثاق البترول الذي يذكره المؤلف أي أثر في منطقة بني زروال ، أو بني وازروال في اللغة البربرية القديمة ، وكانت قبيلة كبيرة شمالي نهر الورغة.