مليّلة
مليلة مدينة كبيرة قديمة بناها الأفارقة في صدر خليج على البحر الأبيض المتوسط. ويسكنها حوالي ألفى أسرة. وقد كانت مدينة مزدهرة جدا ، لأنها كانت عاصمة منطقة ، وكانت تملك كورة كبيرة تنتج كمية كبيرة من الحديد ومن العسل ، ومن هذا جاء اسمها ملالة وهو اسم العسل باللغة الافريقية (٤٧٣).
وفي الماضي كان يصاد من الميناء نفسه محار اللؤلؤ ، وكانت «مليلة» حينا من الدهر خاضعة للقوط ، ولكن المسلمين افتتحوها بعدئذ وهرب القوط إلى غرناطة التي تقع على مسافة مائة ميل من هذه المدينة وهو عرض البحر في هذا المكان.
وقد أرسل ملك أسبانيا ، في الأزمنة الحديثة ، أسطولا لمحاصرتها. ولكن السكان كانوا على علم مسبق قبل أن يصل ، وطلبوا عون ملك فاس. وكان هذا في ذلك الوقت مشغولا بحرب ضد قبائل تامسنة. فأرسل كتيبة خفيفة. وهكذا خاف أهل مليلة الذين كانوا على معرفة صحيحة بأهمية الأسطول الأسباني ، خافوا من أن يعجزوا عن التصدي للهجوم ، فأخلوا المدينة وهربوا مع أرزاقهم إلى جبال بوتويّة. ولما رأى قائد ملك فاس ذلك ، أضرم النار في كل البيوت وأحرق المدينة ، لمعاقبة سكانها وللكيد ضد النصارى. وقد حدث هذا في عام ٨٩٦ هجرية (٤٧٤) ، ووصل الأسطول بعد هذا الحريق ، ولما رأى النصارى المدينة خاوية وقد التهمتها النيران ، أسقط في يدهم ، ولكنهم لم يحبّوا أن يتخلوا عنها بسبب ذلك ، فبنوا فيها حصنا ورمموا تدريجيا كل أسوارها. وهم اليوم أصحاب مليلة (٤٧٥).
__________________
(٤٧٣) يسمى العسل تامنت باللغة البربرية ، والصحيح ان مليلة تحريف عربي لكلمة تاميليلت ، ومعناها موقع على شكل درجات. وقد كانت المدينة مبنية بالفعل فوق نشز. صخري.
(٤٧٤) بين ١٤ / ١١ / ١٤٩٠ و ٣ / ١١ / ١٤٩١ م.
(٤٧٥) لم تسقط المدينة بيد الأسبان فعلا الا في عام ١٤٩٧ على يد قوات الدوق مدينا سيدونيا الذي سلمها للملك فرديناند سنة ١٥٠٦ «ولا زالت في يد هم منذ ذلك الحين حتى كتابة هذه السطور (المترجم)».