تلمسان ، وظلت هذه المدينة دولة بينهما عدة مرات ، حتى لقد تعاقبا عليها عشر مرات في مدة خمسين سنة. وانتهى بها الأمر بأن أصبحت خرابا وهجرت في آخر حرب وهي التي وقعت في عام ٧٨٠ هجرية (٥٠٥) والتي شنها أحمد ، الملك الحادي عشر من ملوك فاس (٥٠٦). وبعد ذلك أعطيت تاوريرت إقطاعية لزعيم عربي. ولما رأى سكانها ، الذين أتلفت أرزاقهم بسبب تلك الحروب أنهم أصبحوا في أيدي العرب وتحت قيادتهم ، هربوا في إحدى الليالي إلى ندرومه ، وكانت مدينة تابعة لملك تلسمان ، وظلت تاوريرت خاوية على عروشها وخربة كما ترى حاليا. ولا زالت أسوارها وأبراجها وبيوتها في حالة طيبة وسليمة حتى الآن ، إذ لم يتهدم منها غير سقوفها (٥٠٧).
حداجيّة
حداجية مدينة صغيرة بناها الأفارقة فوق موقع يشبه الجزيرة ، إذ يصب بجوارها نهر ملّلولو في نهر الملوية (٥٠٨). وكانت في الماضي مدينة مأهولة ومطمئنة. ولكن بعد أن احتل العرب المغرب (٥٠٩) أخذت في الانحطاط وخاصة لمجاورتها صحراء الضهره حيث تعيش قبائل عربية شريرة. وقد تخربت تماما على أثر دمار تاوريرت (٥١٠) ولم يبق منها شيء سوى الأسوار التي لا تزال ماثلة إلى اليوم.
جرسيف
هو قصر قديم جدا شيد فوق جرف قرب نهر الملوية على مسافة خمسة وعشرين
__________________
(٥٠٥) سنة ١٢٧٨ م.
(٥٠٦) ابو عباس احمد السلطان المريني الخامس عشر.
(٥٠٧) في عام ١٣٧٨ ثار عرب المنطقة من معقل بتحريض من ابن غازي ، وهو وزير سابق كان سجينا في غساسة ، واعترفوا بأمير مريني مزيف ونصبوه سلطانا. فجاء ابو العباس بنفسه لإعادة النظام مع قواته ، ففر العرب وعوقب المذنبون منهم.
(٥٠٨) لا يزال اسم هذا الموقع ومكانه الصحيح مجهولين. ولكن يلاحظ ارضا صغيرة على الضفة اليسرى لهذا النهر لا تزال تحمل اسم الجزيرة ، وهي الواقعة ضمن الزاوية التي يؤلفها هذا الرافد اي نهر مللولو مع النهر الرئيسي اي الملوية.
(٥٠٩) او المغرب الحالي حيث يبدو ان العرب تكاثروا في هذه المنطقة بعد ان كان المرينيون سادتها ، ومن ثم غادروها كي يفتحوا المناطق الخصيبة في الغرب ، وذلك في بداية القرن الثالث عشر الميلادي.
(٥١٠) في عام ١٣٧٨ م.