قمته في جميع فصول العام (٥٣٦).
وقد كان في في الماضي مأهولا بقبيلة كبيرة العدد ، غنية وشجاعة ، كانت تعيش دوما في حرية ، إلى أن سقطت ضحية الطغيان. وذلك انه قد تجمعت قبائل الجبال المجاورة وتحالفت فيما بينها ، واجتاحت الجبل وقتلت الرجال وأحرقت القرى ، فجبل وابلان اليوم خال خاو.
غير أن أسرة من أهل هذا الجبل اعتزلت في قمته بعد أن رأت ظلم أقربائها الذين انضموا الى الآخرين لإرهاب البلاد ، وأقامت هناك مع أولادها والقليل من الأرزاق التي بحوزتها وعاشت حياة بسيطة زاهدة ، ومن أجل ذلك تركت وشأنها. ولا يزال نسل اولئك يعيشون في نفس المكان. وبما أنهم أناس مثقفون يعيشون عيشة شريفة فإن لهم مكانة كبيرة لدى ملك فاس. وفي أيامي كان هناك رجل هرم عالم جدا وعلى درجة من الشهرة جعلت الملك يستعين به وسيطا في جميع ما يبرمه من معاهدات الصلح وفي الاتفاقيات التي يعقدها مع القبائل العربية. وتعرض عليه المنازعات كما لو كانت تعرض على أطهر رجل. وكان هذا الرجل ممقوتا من اعماق قلوب رجال البلاط بسبب تلك المكانة.
بني يستيتن
يقع هذا الجبل تحت سلطة أمير دبدو. وتسكنه قبيلة ذات أوضاع رديئة جدا ، يمشون حفاة يلبسون الاسمال. ويسكن الناس في أخصاص من القصب. وعند ما يضطر أحدهم لقطع مسافة طويلة في هذه المنطقة يقوم بضفر نعلين من القصب (٥٣٧). وقبل ان يتم ضفر الزوج الثاني يكون الزوج الأول قد بلي من الاستعمال. ومن هنا نستشف ماهية معيشة هؤلاء الناس. فهم في غاية البؤس. ولا ينبت في جبلهم سوى الذرة البيضاء التي يصنع منها خبز ويصنع منها كذلك أطعمة أخرى ويوجد في سفح الجبل بعض بساتين لأشجار مثمرة تنتج العنب والتمور والدراق بكمية كبيرة. وتنزع من الدراق نواته ويقسم الى اربعة اجزاء ويجفف في الشمس. وبذلك يحتفظ بثماره طيلة
__________________
(٥٣٦) لا يختفي الثلج قط من قمة موسى أو صلاح التي تشرف على الجبل.
(٥٣٧) وربما من الحلفاء.