يقطع الحطب ، والآخرون ينقلونه إلى فاس. ويتعرض هؤلاء دائما لسوء المعاملة من الأمراء الذين يرهقونهم بالضرائب ، لأنهم ليسوا سوى أجلاف.
عين الأصنام
كانت عبارة عن مدينة بنيت في قديم الزمن من قبل الأفارقة في سهل بين جبلين على مسرى طريق الذاهب من صفرو الى نوميديا. واسمها يعني نبع الأوثان. وذلك أنه يروى أن الأفارقة لما كانوا عبدة أوثان ، كان لهم قرب هذه المدينة معبد كان يجتمع فيه النساء والرجال عند حلول الظلام في موسم معين من السنة. وبعد ان يفرغوا من تقديم قرابينهم كانوا يطفئون الأنوار ويستمتع كل واحد بالمرأة التي تجعلها الصدفة على مقربة منه. وعند ما يأتي الصباح يجب على المرأة الّا تقترب من زوجها خلال عام وكان الأولاد الذين يولدون لهؤلاء النسوة خلال تلك الفترة من السنة يربّون على يد كهنة المعبد. ويوجد في هذا المعبد نبع لا يزال مرئيا حتى الآن. ولكن المسلمين خربوا المعبد والمدينة ولم يبق منها أي أثر. ويؤلف النبع بحيرة صغيرة تجري مياهها من عدة قنوات تنتشر في هذه البقعة فتجعل أراضيها مستنقعات (٥٥٣).
المهدية
مدينة مبنية في جبال الأطلس في وسط الغابات بجوار عيون حتى لتكاد تبدو كأنها في السهل. وتقع على مسافة عشرة أميال تقريبا من المدينة السابقة. وقد تأسست هذه البلدة على يد داعية ، ولد في هذه الجبال في العصر الذي كانت فيه قبائل زناته تسيطر على مدينة فاس. ولكنها تخربت ونهبت بعد ان دخلت هذه المنطقة قبائل لمتونة بقيادة الملك يوسف. ولم يبق منها شيء سوى جامع جميل للغاية وما تبقى من السور. وقد ضربت على سكان هذا الجبل الذلة والمسكنة واصبحوا من رعايا ملك فاس. وحدث هذا في عام ٥٣٥ هجرية(٥٥٤).
__________________
(٥٥٣) لا تزال «عين الأصنام» على الوضع الذي كانت عليه قرب النواصر على مسافة عشرين كيلومترا جنوب صفرو.
(٥٥٤) أو بين ١٧ آب (اغسطس) ١١٤٠ وآب ١١٤١ م وهو التاريخ المحتمل لهذا التخريب على يد جماعة من فزاز الذين انحازوا الى الموحدين عند ما استقر الخليفة عبد المؤمن في آزرو. وفي ٤٦٦ ه / او ١٠٧٣ م احتل مرابطو يوسف بن تاشفين فعلا هذه القلعة بعد تسعة اعوام من الحصار ، ولكنها ظلت عاصمة قبيلة الفزاز. وكانت تحمل اسم مؤسسها المهدي بن توالة ، وكانت تسمى قلعة المهدي ، او قلعة فزاز. ومن المحتمل انها كانت تقع بين النواصر وآزرو. ليس بعيدا عن «ضية آشلف» او عن إفران ، ولكنها كانت مدينة من خشب. اما بقايا ابنيتها من الحجر فلم يعثر عليها حتى الآن.