جبل المائة بير
وهذا الجبل أكثر ارتفاعا من الجبال الأخرى. وتوجد في قمته أطلال قديمة. والى جوار هذه الأبنية توجد بئر شديدة العمق لا يستطيع انسان رؤية قعرها. وينتج عن ذلك ان المجانين الذين يبحثون عن الكنوز (٥٦٠) يعمدون الى انزال رجال مزوّدين بفوانيس يهبطون إليه بواسطة حبال. ويقال ان لهذا البئر عدة أدوار. كما ان فيه قاعة كبيرة محفورة بالمعول ، ومبية بجدران على اطرافها في الطابق الأسفل. وفي هذه الجدران أربع فتحات واطئة تقود الى أربع قاعات صغيرة حيث توجد آبار المياه العذبة. ولا يعود العديد من الرجال أحياء من هذه المغامرة إذ تهب أحيانا في الأعماق ريح رهيبة تطفىء الأنوار بحيث لا يستطيعون العثور على طريق العودة الى الخارج فيموتون من الجوع في قعر البئر. وقد روى لي شخص وجيه من فاس كان يعجب بهذه الجهالة انه اتفق مع عشرة من رفاقه على محاولة القيام بمغامرة في هذا الأكتشاف. وعند وصولهم الى فوهة البئر اقترعوا على الثلاثة منهم الذين سيكون عليهم النزول ، وكان صديقي هذا احدهم. فأنزل هؤلاء بواسطة حبال حاملين فوانيس بأيديهم كما سبق ان قلنا. وعندما وصل المكتشفون الثلاثة الى فتحات القاعة الكبرى الأربع اتفقوا على ان يذهب كل واحد منهم في طرف. ولكن عندما ذهب الأول ، ذهب الإثنان الآخران ، وأحدهما صديقي ، سوية. وما كادا يقطعان مسافة ربع ميل (٥٦١) حتى وجدا نفسيهما محاطين بعديد من الخفافيش التي كانت تطير حول الفانوسين. فصدمت بأجنحتها الفانوسين فأطفأت أحدهما. وتابع الرجلان طريقهما حتى وصلا الى بئر الماء النقي ووجدا بقربها عظاما بشرية وقد ابيضّ لونها ، وعثر بجانبها على خمسة او ستة فوانيس ، بعضها قديم وبعضها جديد. ولكن بما أنهما لم يجدا في هذه الآبار شيئا آخر سوى الماء عادا أدراجهما. وما ان وصلا الى منتصف اطريق حتى هبت ريح عنيفة ثارت فجأة وأطفأت فانوسهما. وسارا بعض الوقت دون ان يريا شيئا وكانا يتلمسّان طريقهما في الظلمات ولم يعرفا كيف يستدّلان على طريق العودة. وأخيرا وبعد أن أصابهما الإعياء وفرط التعب واليأس ، ألقيا بنفسيهما على الأرض وهما ينتحبان ونذرا إلى الله الّا يعودا
__________________
(٥٦٠) اي الكنازون.
(٥٦١) أو ٤٠٠ م.