حتى إن بعض الناس الذاهبين من نوميديا إلى فاس تباغتهم هذه الثلوج فيدفنون فيها ، كما أوردت ذلك سابقا عندما سردت قصة في هذا المعنى. ويقصده في الصيف عرب يسمّون بني حسين ، ويقصدونه في هذا الفصل بسبب برودة مياهه وظله الممتع الذي يجدونه فيه رغم وجود أسود وفهود رهيبة في هذه الأصقاع (٥٦٤).
تزرغه
تزرغه بلدة صغيرة ، من نوع القلاع التي بناها الأفارقة ، فوق نهر صغير يمر في واد من اسفل جبل الغربان. وبيوت هذه البلدة قبيحة وسكانها لا يقلون قبحا عن بيوتها. وهم يجهلون أي شكل من أشكال الحضارة ، ولا يلبسون ثيابا لائقة ولا تبدو عليهم أية زينة. والأرض الزارعية ضئيلة الرقعة ، ولا ينبت فيها سوى القليل من الشعير وبعض الدّراق. ويخضع السكان للعرب الذين يسمون دوى الحسين (٥٦٥).
أم جنيبة
هي مدينة قديمة خربها العرب. وتقع على مسافة اثنى عشر ميلا من المدينة السابقة (٥٦٦) قرب ممر في جبال الأطلس على السفح الجنوبي. وقد كان هذا الممر على الدوام مقطوعا على أيدي العرب ، إذ يوجد قرب المدينة سهل كبير في أيدي العرب الذين لا يخشون الملك. ويظهر بجانب البلدة ضلع يضطر أي شخص يصعد عليه أن يرقص عند اجتياز الممر مع القافلة. ويدّعى شيوخ المنطقة أن أي شخص يمر من فوق الضلع دون أي يرقص يصاب بالحمىّ الرباعية أو الراجعة (٥٦٧). وقد رأيت بنفسي
__________________
(٥٦٤) يسمى المؤلف هذه الممر خنيق الغربان ، أى خانق الغربان الصغير ، وربما هو الذي يسمى في أيامنا ممر أنجنانس على ارتفاع ١٧٠٠ م ، وكثيرا ما يكون غير سالك شتاء بسبب كثرة الثلوج. وتتولد بضعة جداول في هذه الكتلة الجبلية الصغيرة وتجف في الأوقات الغادية.
(٥٦٥) لقد تلاشت هذه المدينة وكانت بالتأكيد واقعة في وادي جيجو ، في جوار بلدة الميس.
(٥٦٦) ٢٠ كم.
(٥٦٧) «حمّى تعود للمصاب مرة كل أربعة أيام» (المترجم)