بل يقدمون له بعض الهدايا القليلة الثمن (٥٧١).
جبال الزيز
دعيت هذه الجبال زيز نسبة لاسم نهر يستمد منها منابعه. وتبدأ من شرق جبال مستاسة. وتتاخم من الغرب سهل تادلة وجبال دادس وتواجه من الجنوب قسما من نوميديا الذي يدعى سجلماسة. وتطل من الشمال على سهول آدخسن وتيغريغرة. وتمتد على طول قدره مائة ميل (٥٧٢) وعرض مقداره اربعون ميلا (٥٧٣) وتضم جبال الزيز هذه خمسة عشر جبلا ، وكلها باردة وموحشة ، تنبع منها أنهار عديدة (٥٧٤) ويسكنها قوم من قبيلة تدعى زناقة ، وهم رجال مخيفون وأقوياء الشكيمة ، لا يأبهون بالبرد ولا بالثلج. ويلبسون دراعة من الصوف يضعونها على جسدهم مباشرة ويضعون فوقها رداء ويغلفون سيقانهم بأقمشة ملفوفة تحل محل السراويل عندهم. ويتركون رؤوسهم حاسرة في كل الفصول.
ولدى هؤلاء الناس الكثير من الخيل والبغال والحمير اذ لا يوجد في جبلهم سوى القليل من الغابات. وهم أكبر اللصوص وأرادأ القتلة في العالم. وعداوتهم تجاه العرب عميقة جدا ويسلبونهم في الليل. وعندما لا يستطيعون فعل شيء آخر يستولون على إبلهم ويرمونها ، على مرأى منهم ، من فوق الجروف الصخرية ، إمعانا في ايذائهم.
ويرى في هذا الجبل شيء يكاد يكون أقرب للخوارق ، ذلك هو كثرة أعداد الأفاعي اللطيفة جدا والأليفة ، حتى أنها لتتجول في البيوت تماما كصغار الكلاب أو القطط الصغيرة وعندما يذهب أحد لتناول طعامه ، تتجمّع كل الثعابين الموجودة في
__________________
(٥٧١) لقد حدد المؤلف مكان حوضة تيغريغرة في إقليم فاس ، ونسب اليها بلدة المعدن العوام وتيغت في تامسئة. وحدّد سهل آدخسن وهو اليوم سهل خنفيرة ، في تادلة. اذن يجب وضع مستاسة بجوار منابع نهر أم الربيع. وقد اختفى هؤلاء من المنطقة ، وربما طردوا أو اندمجوا في قبائل بربرية قادمة من الجنوب.
(٥٧٢) ١٦٠ كم.
(٥٧٣) أو ٦٤ كم. وهنا يناقض المؤلف نفسه ، فمستاسة تفصل بالحقيقة جبال الزيز عن جبال تيغريغرة ، إذ كتب في الكتاب الثاني ، ان جبال دلوس تمتد حتى جبال آدخسن. ولعله يقصد جبل آدخسن وليس سهل آدخسن.
(٥٧٤) ذاك هو خزان ماء المملكة المغربية ، كما كان يقول الماريشال لبوطى ، المقيم العام الفرنسي سابقا.