البيت حوله وتأكل بتآلف قطع الخبز والأغذية الأخرى التي تقدم لها. وهي لا تؤذي أبدا إنسانا إذا هو لم يؤذها (٥٧٥).
وسكان هذه المنطقة رعاع حقيقة ، وهم يسكنون بيوتا مبنية من أعمدة رفيعة مطلية بالطين اللزج ومغطّاة بسقف من قش. وبعض هؤلاء الجبليين الذين يملكون من الماشية أكثر من الآخرين يسكنون أكواخا صغيرة مسقوفة بعيدان القصب.
ويذهب هؤلاء أحيانا الى سجلماسة ، التي كما سبق أن قلنا ، تؤلف قسما من نوميديا. وينقلون هنالك صوفهم وسمنهم. ولكنهم لا يذهبون إليها الا في الفترة التي يكون العرب في أثنائها في الصحراء.
هذا ومع أن العرب هم الذين يهاجمونهم في الغالب ، وبأعداد كبيرة على الخيل ويسلبونهم سلعهم ويقتلونهم ، فان هؤلاء الجبليين لا يقلّون عنهم شجاعة وبسالة. وعندما يشتبكون في معركة لا يحبون ابدا أن يستسلموا وهم أحياء. وكل واحد منهم مسلح بحربتين او بثلاث ولا يخطىء هدفه اطلاقا ، فتارة يقتل الفارس ، وتارة اخرى يقتل فرسه ، لأنهم يناجزون أعداءهم وهم راجلون. وهم لم يغلبوا أبدا في مواجهة خصومهم إلا إذا اشتبكوا مع عدد ضخم من الخيالة. ويحملون أيضا سيوفا وخناجر. ويحصل هؤلاء الجبليون في العادة من العرب على ترخيص مرور ، ويعطون للعرب هذا الترخيص. وهكذا يستطيعون ممارسة التجارة بكل أمان. ويمنحون نفس التراخيص لقوافل التجار الذين يدفعون لكل قبيلة في هذه الجبال حق مرور خاص ، وإلّا تعرضوا للنهب.
مدينة غارسلوين
غار سلوين مدينة قديمة بناها الافارقة عند سفح هذه الجبال على نهر زيز. ولها أسوار قوية وجميلة بناها الملوك المرينيون. وعند النظر الى هذه المدينة من بعيد تبدو شيئا بديعا جدا ، ولكنها بائسة تماما من داخلها. فليس فيها سوى خرائب قبيحة والنادر من السكان ، وهذا بسبب العرب. وعندما انهارت اسرة المرينيين (٥٧٦) وضعت هذه المدينة
__________________
(٥٧٥) يبدو هذا الزعم خرافة لاننا لم نر مطلقا ثعابين تأكل فتات الخبز أو أليفة لدرجة أنها تأكل من يد الانسان. وهذا الأمر لا يمكن ان يكون محتملا إلا بالنسبة للجراذين ، والحرباوات وأشباهها.
(٥٧٦) في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي.