والقسم الأعظم من مملكة تلمسان عبارة عن مقاطعة جافة عقيمة ، ولا سيما في قسمها الجنوبي. ولكن السهول القريبة من السواحل منتجة جدا بسبب خصوبتها. وكل النطاق المجاور لتلمسان يقع في السهل مع وجود بعض الصحارى. وهناك جبال قرب الساحل إلى الغرب منها ، وكذلك في دولة تنيس وفوق منطقة الجزائر حيث يوجد عدد كبير من الجبال ، وجميع هذه الجبال خصيبة منتجة.
ولا يوجد سوى القليل من المدن والقصور في هذه المملكة. غير أن هذه البلدان تكون مزدهرة في المنطقة الخصيبة ، كما سنذكر ذلك عند الكلام على كل منها على حدة.
صحراء أنجاد
تبدأ مملكة تلمسان من الغرب بسهل خاو ، موحش ، وجاف ، حيث لا ماء فيه ولا شجر. ويمتد على طول مقداره حوالي ثمانين ميلا وعلى عرض يقارب الخمسين من الأميال (١٤) ، ويعيش فيه عدد كبير من الغزلان ، ومن الوعول والنعام. وهو بؤرة عصابة من اللصوص من العرب (١٥) قطاع الطريق الذين يغتالون الناس بلا رحمة نظرا لأن الطريق من فاس الى مكناس يمر من هذه البقعة. ويندر ان يفلت التجار من أيديهم ، ولا سيما في الشتاء ، لأن العرب الذين تدفع لهم إتاوة لحماية هذه البلاد يكونون حينئذ قد غادروها إلى نوميديا. اما الذين لا يدفع لهم الملك إتاوة فهم يمكثون كي يعتاشوا من قطع الطريق على السابلة. ويقضي الكثير من الرعاة أيضا فصل الشتاء في هذه الصحراء ، ولكن الأسود تفترس أو تشوّه عددا كبيرا من أغنامهم ، وحتى من الرجال إذا وجدت الى ذلك سبيلا.
__________________
ـ بربروس بعد أن استولى هذا على ميناء الجزائر في ٢٧ أيار (مايو) ١٥٢٩ م. وورود عبارة «لا يزال حيا حتى الساعة الحالية» وكذلك لقب «جلالته» الممنوح للامبراطور الكبير شارل الذي توج امبراطورا في بولونية بتاريخ ٢٤ شباط (فبراير) ١٥٣٠ م. كل ذلك يدل على أن هذه الفقرة قد كتبت بعد هذا التاريخ ، في حين أن كتاب الحسن الوزان يحمل تاريخ ١٠ آذار (مارس) ١٥٢٦ م.
(ويقودنا هذا الى الشك ببعض التعابير والجمل الواردة في النص كألقاب التفخيم لملوك اسبانيا أو الإشادة بمظاهر التمدن في ايطاليا عند مقارنتها بالأوضاع في افريقيا ، والتي ربما دسّها النسّاخون الطليان بعد مغادرة الحسن ايطاليا وعودته لدار الاسلام في تونس حيث توفي كما يرد ذلك لدى العديد من المستشرقين) (المترجم).
(١٤) ١٣٤ كم في ٨٠ كم.
(١٥) من قبيلتي حدج وجعوان.