بنوها في نفس الموقع وحسب نفس مخطط مدينة روما. ومن هذا جاء اسمها. لأن «ند» في اللغة الافريقية له نفس معنى كلمة سيميليس من اللاتينية (٢٢).
ولا تزال أسوارها على حالها ، ولكن بيوتها تهدمت فيي الماضي والآن أعيد بناؤها بصورة غاية في القبح. ولا يزال حول المدينة بعض الآثار من الأطلال القديمة (٢٣) وأريافها منتجة للغاية ، وتظهر حول ندرومه بساتين عديدة وأراض مزروعة بالخروب الذي يأكل الناس كثيرا منه ، سواء في المدن او في بقية المنطقة. كما يستعمل العسل في الغذاء وينتج هنا منه كمية كبيرة. وتبدو ندورومة الآن مزدهرة لأن الصنّاع كثيرون فيها. وتصنع فيها على الخصوص أقمشه القطن الذي ينبت بكثرة في المنطقة.
ويستطيع أهلها أن يعتبروا أنفسهم أحرارا ، لأنهم يتمتعون في الواقع بحماية جيرانهم الجبليين (٢٤) ولا يستطيع الملك الحصول على أية إتاوة من هذه المدينة ويرسل اليها حكاما يتوقف بقاؤهم على قبول اهل المدينة لهم ، فإذا لم يعجبوهم ردّوهم من حيث أتوا. غير أن سكان ندرومة يرسلون للملك أحيانا هدية صغيرة كي يتيسر لهم بذلك تصدير سلعهم إلى تلمسان.
مدينة تبحريت
تبحريت مدينة صغيرة من بناء الأفارقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، فوق جرف ، على مسافة اثنى عشر ميلا من ندرومه (٢٥) ، والجبال بجوارها عالية ووعرة (٢٦) ، ولكنها كثيفة السكان. وكل سكان تبحريت تقريبا من الحاكة. ولديهم الكثير من الحقول المزروعة بالخروب وينتجون كمية كبيرة من العسل. والواقع أنهم يعيشون في خوف مستمر من هجوم النصارى خلال الليل ، ولهذا يقيمون حراسة يقظة
__________________
(٢٢) ند لها معنى كلمة «مماثلة» في العربية وليس في البربرية. ولم يعثر على أي اثر روماني في ندرومه. وليس في موقعها ما يشبه موقع روما ، أما إسمها فهو اسم فخذ من قبيلة كومية القديمة التي استوطنت المنطقة.
(٢٣) وقد اختفت في أيامنا.
(٢٤) رجال قبيلة متغارة.
(٢٥) لقد اختفت تبحريت ، ولكن اسمها بقي على مسافة ٣٠ كم شمال غرب ندرومه. ومن المحتمل ان المدينة كانت فوق رأس قلعة تشرف على البحر من ارتفاع ١٢٥ م.
(٢٦) يقع جبل زندل على مسافة ٤ كم إلى الجنوب منها ، ولا يتجاوز ارتفاعه ٦١٣ م.