وكانت الضرائب التي يحصل عليها الملك تبلغ مجموعا قدره خمسة عشر ألف دينار ، من الذهب المسكوك ، وقد أراني الحاجب إياها.
رشغون
رشغون مدينة كبيرة قديمة بناها الأفارقة فوق جرف يحيط به البحر من كل جانب باستثناء الجنوب حيث يوجد درب يهبط من الجرف نحو البحر. وتقع على مسافة أربعة وثلاثين ميلا (٢٩) من تلمسان. وقد كانت مدينة مأهولة كثيرا وآمنة جدا. وهنا كان يحكم سليمان عم إدريس (الثاني) الذي أسس فاس. وقد اختاره الشعب واحتفظت أسرته بالسلطة فيها مدة مائة عام. وبعدئذ قدم ملك القيروان ـ وكان كذلك رئيسها الديني ـ ودمّر المدينة. وظلت مهجورة مدة تقارب مائة وعشرين سنة. ثم أعمرها من جديد أناس قدموا من مملكة غرناطة مع جيش المنصور ، حاجب قرطبة (٣٠). وقام المنصور بترميم المدينة كي تكون مفيدة له في الحالة التي يرسل فيها قوات الى افريقيا. ولكن بعد وفاة المنصور (٣١) وابنه المظفر (٣٢) طردت كل جنودهما من البلاد أو قتلها رجال صنهاجة ومغراوة. وقد تخربت المدينة في مناسبات عدة ، كما حدث في عام ٤١٠ هجرية (٣٣).
__________________
(٢٩) ٥٤ كم.
(٣٠) المنصور بن ابي عامر ، حاجب الخليفة الأموي هشام في قرطبة.
(٣١) في آب (اغسطس) ١٠٠٢ م.
(٣٢) توفي في شهر تشرين الأول (اكتوبر) ١٠٠٨ م.
(٣٣) كانت ارشغول أو رشغول في القرن التاسع الميلادي ، اهم مدينة على الساحل بين نكور وتينس ، لأن وهران لم تكن موجودة حينذاك. وكانت قائمة في منحنى على نهر التافنة ، وربما قرب أطلال سيغا التي تحمل في أيامنا اسم تاكمبريت ، والتي كانت إحدى عواصم المملكة البربرية الكبرى ، اي مملكة الماسايل. وكانت المراكب الصغيرة وحدها هي التي تستطيع بلوغ المدينة ، وكان ميناؤها الحقيقى واقعا في جون في جزيرة تدعى في أيامنا رشغون. وهنا تم اللقاء العرضي ، في أرض محايدة ، في عام ٢٠٦ قبل الميلاد ، بين الجنرال الروماني بوبليوس سيبون وبين عدوه ، الجنرال اسد روبال القرطاجي ، اللذين اتفق أن كانا ضيفين على الملك سيفاكس أو صوفاك. وبعد ان أسسّ ادريس بن عبد الله في وليلي أول إمارة علوية في المغرب ، في أواخر القرن الثامن الميلادي ، أمر اخوه كي يستقر في تلمسان ، وبعدئذ قام أبناؤه وأحفاده بتكوين إمارات بين تلمسان والمنطقة الغربية من «حضنه» التي كانت حينئذ على تخوم أراضي أمراء القيروان الأغالبة الذين كانوا يعترفون بسلطة خليفة بغداد العباسي.
وأول أمير من نسل سليمان في ارشغول كان عيسى بن محمد بن سليمان المتوفي سنة ٩٠٧ م. وفي ٩٢٩ م قام خليفة ـ